اطفال فرحون

نحو طفل أكثر تعاوناً واستقلالية: خطوات تعليم المهارات من 1 إلى 8 سنوات

في مراحل الطفولة المبكرة، لا يكمن التعلّم فقط في قراءة الحروف أو العدّ، بل في بناء المهارات اليومية البسيطة التي تعزز استقلالية الطفل وثقته بنفسه. عندما تساعد الأطفال على تعلّم مهارات جديدة، فأنت لا توجههم فقط نحو السلوك الإيجابي، بل تمنحهم أدوات حقيقية للتعامل مع العالم من حولهم.

يمرّ الأطفال من عمر 1 إلى 8 سنوات بفترات نمو سريعة، ويكونون أكثر استعداداً للتعاون والتفاعل عندما يشعرون بالقدرة على القيام بالأشياء بأنفسهم. سواء كانت المهارة تتعلق بارتداء الملابس، أو ترتيب المائدة، أو قول “شكراً”، فإن تعليم الطفل كيفية القيام بها بشكل عملي يشجّعه على الاستقلال ويقلل من الإحباط والتصرفات السلبية.

في هذا المقال، نستعرض استراتيجية فعالة في التربية الإيجابية تساعدك على تعليم أطفالك مهارات جديدة من خلال: النمذجة (التقليد) أي كن قدوة من خلال القيام بالمهارة بنفسك ليراها الطفل ويتعلم منها. التعليمات الواضحة أي قدم لطفلك إرشادات واضحة حول ما يجب عليه القيام به.، والإرشاد خطوة بخطوة أي قم بتقسيم المهمة إلى خطوات صغيرة وساعد طفلك في كل خطوة حتى يتعلم إتمامها بشكل مستقل.

تذكر أن تطوير المهارات يستغرق وقتاً، والممارسة أمر مهم، ولكن إذا كانت لديك أي مخاوف بشأن سلوك طفلك أو تطوره أو قدرته على تعلم مهارات جديدة، فمن الأفضل زيارة طبيب الأطفال. من جهة أخرى تؤثر العديد من العوامل على سلوك الأطفال، لذا من الجيد دائماً التفكير في سبب تصرف طفلك بطريقة معينة، فعندما تفهم الأسباب الكامنة وراء سلوك طفلك، تصبح أكثر قدرة على اختيار الاستجابة المناسبة.

التقليد (النمذجة)

من خلال مشاهدتك، يتعلم طفلك ما يجب عليه فعله وكيفية القيام به. عندما يحدث ذلك، فإنك تقدم نموذجاً للسلوك.

التقليد هو عادةً الطريقة الأكثر فاعلية لمساعدة الأطفال على تعلم مهارة جديدة. على سبيل المثال، من المرجح أن تعرض لطفلك كيفية ترتيب السرير، كنس الأرضية، أو رمي الكرة بدلاً من أن تخبره بذلك.

يمكن أن يعمل التقليد أيضاً في المهارات الاجتماعية، مثل توجيه طفلك بعبارات مثل “شكراً، ماما” أو “أريد المزيد، بابا” هو مثال على هذا. يمكنك أيضاً استخدام التقليد لإظهار مهارات وسلوكيات تتعلق بالتواصل غير اللفظي، مثل لغة الجسد ونبرة الصوت. على سبيل المثال، يمكنك أن تُظهر لطفلك كيفية الالتفات لمواجهة الأشخاص عند التحدث معهم، أو النظر في عيونهم والابتسام عند شكرهم.

كما يتعلم الأطفال أيضاً من خلال مشاهدة أطفال آخرين. على سبيل المثال، قد يحاول طفلك تناول أطعمة جديدة مع أطفال آخرين في الحضانة، حتى وإن لم يفعل ذلك في المنزل معك.

كيفية جعل التقليد فعالاً:

  1. احصل على انتباه طفلك، وتأكد من أنه ينظر إليك.
  2. تحرك ببطء عبر خطوات المهارة حتى يتمكن طفلك من رؤية ما تفعله بوضوح.
  3. أشر إلى الأجزاء المهمة مما تفعله. على سبيل المثال، “انظر كيف أفعل…“. قد ترغب في فعل ذلك لاحقاً إذا كنت تعلم مهارات اجتماعية مثل تحية الضيوف.
  4. امنح طفلك العديد من الفرص لتطبيق المهارة بعد أن يراك تقوم بها. على سبيل المثال، “حسناً، الآن دورك لتجرب“.

عندما تساعد طفلك على تعلم مهارة ما، يمكنك استخدام أكثر من طريقة تعليمية في نفس الوقت. على سبيل المثال، قد يكون التقليد أكثر فعالية إذا قدمت التعليمات في الوقت نفسه، أو قد يكون من الأسهل لطفلك فهم التعليمات إذا قمت بتقسيم المهارة أو المهمة إلى خطوات بسيطة.

التعليمات

يمكنك مساعدة طفلك على تعلم كيفية القيام بشيء ما من خلال شرح ما يجب القيام به أو كيفية القيام به.

كيفية إعطاء تعليمات فعالة:

  • أعطِ التعليمات فقط عندما يكون لديك انتباه طفلك.
  • استخدم اسم طفلك وشجعه على النظر إليك أثناء التحدث.
  • انزل إلى مستوى طفلك البدني عند التحدث.
  • أزل أي عوامل تشتيت في الخلفية مثل التلفاز.
  • استخدم لغة يفهمها طفلك، واحتفظ بجملك قصيرة وبسيطة.
  • استخدم صوتاً واضحاً وهادئاً.
  • استخدم الإيماءات للتأكيد على الأشياء التي تريد أن يلاحظها طفلك.
  • قم بالتدريج في تقليل التعليمات والتذكيرات عندما يتحسن طفلك في تذكر كيفية القيام بالمهارة أو المهمة.
  • يمكن أن تساعد الإرشادات المرئية أو الصور التي توضح ما يجب على طفلك فعله في فهم التعليمات، ويمكن لطفلك الرجوع إلى الصورة عندما يكون جاهزاً لتنفيذ التعليمات بشكل مستقل، كما يساعد هذا أيضاً الأطفال الذين يواجهون صعوبة في فهم الكلمات.

في المقابل قد لا يتبع طفلك التعليمات أحياناً، وربما يحدث ذلك لأسباب متعددة، فقد لا يفهم طفلك التعليمات، أو لا يمتلك المهارات اللازمة للقيام بما تطلبه في كل مرة، أو لا يرغب طفلك ببساطة في القيام بما تطلبه، لذا يمكنك مساعدة طفلك على تعلم التعاون من خلال تحقيق توازن بين التعليمات والطلبات.

عائلة سعيدة معاً

الإرشاد خطوة بخطوة: تقسيم المهام

بعض المهارات أو المهام معقدة أو تتطلّب تسلسلاً من الخطوات، لذا يمكنك تقسيم هذه المهارات أو المهام إلى خطوات أصغر. الفكرة هي مساعدة الأطفال على تعلم الخطوات التي تشكل مهارة أو مهمة ما، خطوة واحدة في كل مرة.

كيفية تطبيق الإرشاد خطوة بخطوة:

  1. ابدأ بأبسط خطوة إن أمكن، أو ابدأ بالخطوة الأولى في المهارة.
  2. اعرض لطفلك الخطوة، ثم دعه يحاول تنفيذها.
  3. قدم لطفلك المساعدة إذا كان بحاجة إليها.
  4. امنح طفلك فرصاً لممارسة هذه الخطوة.
  5. عندما يتمكّن طفلك من أداء الخطوة بشكل موثوق وبدون مساعدتك، علمه الخطوة التالية، وهكذا.
  6. ساعد طفلك في ممارسة الخطوات بترتيبها حتى يتمكن من القيام بالمهارة أو المهمة بأكملها بمفرده.

مثال على الإرشاد خطوة بخطوة:

إليك كيفية تقسيم مهمة ارتداء الملابس:

  1. إخراج الملابس
  2. ارتداء الملابس الداخلية
  3. ارتداء الجوارب
  4. ارتداء القميص
  5. ارتداء السروال
  6. ارتداء الجاكيت

يمكنك أيضاً تقسيم كل خطوة إلى أجزاء إذا كانت المهمة معقدة أو إذا كان طفلك يواجه صعوبات في التعلم. على سبيل المثال، يمكن تقسيم “ارتداء الجاكيت” كالتالي:

  1. مواجهة الجاكيت بالاتجاه الصحيح
  2. سحب الجاكيت فوق الرأس
  3. إدخال ذراع واحدة
  4. إدخال الذراع الأخرى
  5. سحب الجاكيت للأسفل

التعلم بالتسلسل الأمامي أو الخلفي؟

يمكنك مساعدة طفلك على تعلم الخطوات من خلال التحرك:

  • تسلسل أمامي: تعليم طفلك الخطوة الأولى، ثم الخطوة التالية وهكذا.
  • تسلسل خلفي: مساعدة طفلك في كل الخطوات حتى الخطوة الأخيرة، ثم تعليم الخطوة الأخيرة أولاً، ثم ما قبل الأخيرة، وهكذا.

التعلم بالتسلسل الخلفي له بعض المزايا، فمن المرجح أن يقلل الإحباط لأن تعلم الخطوة الأخيرة أسهل وأسرع، كما أن المهمة تنتهي بمجرد أن يكمل طفلك هذه الخطوة، وغالباً ما يكون أكثر شيء مشجع في أي مهمة هو الانتهاء منها! في المثال السابق، قد تعلم طفلك ارتداء الجاكيت بدءاً من الخطوة الأخيرة. يمكنك مساعدته في ارتداء الجاكيت حتى الوصول إلى الخطوة الأخيرة – سحب الجاكيت للأسفل.

كما يمكنك مساعدة طفلك في وضع الجاكيت على رأسه وإدخال ذراعيه – ثم قد تدعه يسحب الجاكيت للأسفل بمفرده. بمجرد أن يتمكن من القيام بذلك، يمكنك تشجيعه على إدخال ذراعيه بمفرده ثم سحب الجاكيت للأسفل، سيستمر هذا حتى يتمكن طفلك من إتمام كل خطوة بمفرده ويقوم بالمهمة كاملة.

عندما يتعلم طفلك مهارة جسدية جديدة مثل ارتداء الملابس، يمكن أن يساعد وضع يديك فوق يدي طفلك وتوجيهه خلال الحركات، بعدها قلل من مساعدتك تدريجياً عندما يبدأ طفلك في فهم الفكرة، لكن استمر في قول ما يجب عليه فعله. بعد ذلك، يمكنك الاكتفاء بالإشارة أو القيام بحركات توجيهية، وعندما يصبح طفلك واثقاً من المهارة، يمكنك التوقف عن استخدام الإشارات أيضاً.

نصائح لمساعدة الأطفال على تعلم مهارات جديدة

بغض النظر عن الطريقة التي تستخدمها، ستساعدك هذه النصائح على تعليم طفلك مهارات جديدة:

  1. تأكد من أن طفلك لديه القدرة البدنية والنضج الكافي لتعلم المهارة الجديدة. قد تحتاج إلى تعليم طفلك بعض المهارات الأساسية قبل الانتقال إلى المهارات الأكثر تعقيداً.
  2. فكر في التوقيت والبيئة. يتعلم الأطفال بشكل أفضل عندما يكونون يقظين ومركزين، لذا من الجيد العمل على المهارات الجديدة في الصباح أو بعد وقت الراحة، ومن المفيد أيضاً تجنب مصادر الإلهاء، مثل التلفاز أو وجود الأشقاء الأصغر سناً.
  3. امنح طفلك الفرصة لممارسة المهارة. يستغرق تعلم المهارات وقتاً، وكلما مارس طفلك المهارة أكثر، كلما أصبح أفضل.
  4. قدم الكثير من المدح والتشجيع، خاصة في المراحل المبكرة من التعلم. امتدح طفلك عندما يتبع تعليماتك، يمارس المهارة أو يبذل جهداً، وكن دقيقاً في ذكر ما قام به بشكل جيد.
  5. تجنب تقديم تعليقات سلبية. بدلاً من قول إن طفلك فعل شيئاً “خطأ”، استخدم الكلمات والإشارات لتوضيح 1-2 أشياء يمكن لطفلك تحسينها في المرة القادمة.

تذكر أن السلوك قد يصبح أكثر سلبية قبل أن يتحسن، خاصة إذا كنت تطلب المزيد من طفلك، ويمكن أن يساعد اتباع نهج إيجابي وبناء. على سبيل المثال: “عمل رائع في ربط العقد على حذائك بشكل صحيح! هل ترغب في أن نقوم بعمل الحلقات معاً اليوم؟”

 

المصدر

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *