عندما ننظر إلى علم اليابان، قد يخدعنا مظهره البسيط في البداية — دائرة حمراء في وسط خلفية بيضاء. لكن خلف هذا التصميم المتواضع تكمن رمزية عميقة متجذرة في الثقافة اليابانية، وتاريخ يمتد لقرون طويلة.
يعرف اليابانيون علمهم باسم “هينومارو” (Hinomaru)، أي “دائرة الشمس”، وهي تسمية ليست عشوائية أبداً، إذ يرتبط رمز الشمس ارتباطاً وثيقاً بالهوية الوطنية لليابان، بل إن البلاد تُلقّب منذ القدم بـ”أرض الشمس المشرقة”.
فما هو أصل هذا العلم؟ ولماذا الشمس تحديداً؟ وكيف انتقل هذا التصميم البسيط من ساحات المعارك إلى أن يُصبح رمز الدولة الرسمي؟
في هذا المقال، نأخذك في جولة داخل أعماق الرموز المخفية والتاريخ السياسي والثقافي وراء علم اليابان، لتكتشف كيف تختبئ العظمة خلف البساطة، ولماذا لا يزال هذا العلم يحظى باحترام كبير داخل وخارج اليابان حتى اليوم.
تاريخ علم اليابان
لا يوجد دليل حقيقي على تاريخ إنشاء علم اليابان، ولكن هناك الكثير من الإشارات إليه قبل استخدام العَلَم كرمز وطني بوقت طويل، على سبيل المثال:
- في رسالة إلى الإمبراطور الصيني، في أوائل القرن السابع أشار الإمبراطور الياباني إلى نفسه على أنه “إمبراطور الشمس المشرقة”.
- أثناء الغزو المغولي في القرن الثالث عشر، أعطى الكهنة البوذيون اليابانيون راية الشمس للديكتاتور العسكري لليابان المعروف باسم شوغون.
تم استخدام علم اليابان عام 1854 لتعريف السفن اليابانية عندما بدأت اليابان في تطوير العلاقات الدبلوماسية والتجارة مع أوروبا، وأصبح العَلَم التجاري الرسمي في عام 1870. ومع وصول الصراعات والحرب، بدأ العلم يكتسب أهمية وشوهد في الاحتفالات بعد الانتصارات، وإليك بعض الأمثلة على استخدام قرص الشمس في ذلك الوقت:
- تلقّى الجنود أعلاماً على أنها تمائم الحظ مع دعاء للعودة بأمان من الحرب، لكن الكتابات يجب ألاّ تلمس أبداً قرص الشمس في الوسط.
- رفع العَلَم في المدارس في مراسم الصباح.
- استخدم طيارو الكاميكازي عصابة رأس بيضاء مع وجود قرص أحمر في المنتصف، وتُعرف عصابة الرأس هذه باسم Hachimaki (鉢 巻) ولا تزال تستخدم حتى اليوم لتشجيع الشخص الذي يرتديها كرمز للجهد والمثابرة.
أما في الوقت الحاضر، يمثّل اللون الأبيض للعلم صدق ونزاهة الشعب الياباني، أما بالنسبة للقرص الأحمر القرمزي، فهو يرمز إلى إلهة الشمس أماتيراسو (天 照) سلف أباطرة اليابان والمؤسس الأسطوري لليابان، ولهذا سميت البلاد بأرض الشمس المشرقة، وأيضاً لأن اليابان تقع في أقصى شرق القارة الآسيوية. إذا كنت مهتماً بأحداث الحرب العالمية الثانية، فهناك بعض الكتب الرائعة التي يمكن أن تخبرك المزيد عن رمزية الأعلام خلال هذه الفترة المظلمة من التاريخ، مثل Flags Of Our Fathers أو The Girl With The White.

أعلام أخرى في اليابان
مثل العديد من البلدان الأخرى، تطوّر علم اليابان بمرور الوقت، ففي البداية كان العلم يحتوي على قرص الشمس في الوسط محاطاً بـ 16 شعاع وكان يستخدمه الجيش الإمبراطوري الياباني. من ناحية أخرى، كانت البحرية الإمبراطورية اليابانية تحمل نفس العلم، لكن القرص كان مرئياً إلى اليسار، وتوقف استخدام كلا العَلَمين في نهاية الحرب العالمية الثانية.
بعدها أعادت قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية اعتماد العلم السابق للبحرية اليابانية عام 1954 ولا يزال يستخدم في الوقت الحاضر. أما بالنسبة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية وقوات الدفاع الذاتي البرية اليابانية، فهما يستخدمان علَمَاً بحدود ذهبية وقرص الشمس محاطاً بـ 8 أشعة. كما يوجد في اليابان أيضاً 47 علَمَاً للمحافظات (واحد لكل محافظة)، وتماماً مثل العلم الوطني تتكوّن أعلام المحافظة من رمز فوق خلفية أحادية اللون (باستثناء محافظة واحدة ذات لونين).