في صباح مشرق في قريةٍ صغيرة🌞🥛، خرجت فتاة طموحة تحمل دلو الحليب على رأسها، تحلم بالكعك والدجاج والفراولة 🍰🐔🍓
خيالها كان واسعاً… لكنّ الطريق إلى السوق مليء بالمفاجآت! ماذا سيحدث عندما تطغى الأحلام على الانتباه؟ لنكتشف ذلك في قصة “بائعة الحليب”.
في قريةٍ صغيرة تحيط بها المراعي الخضراء والتلال المزهرة، كانت تعيش فتاة لطيفة تُدعى “غريس” مع والدتها في كوخ خشبي بسيط. لم تكن الأسرة تملك الكثير من المال، لكنهما كانتا تعملان بجدّ وتجدان في بساطة الحياة ما يكفي للرضا والسعادة. وكانت “غريس” تستيقظ كل صباح قبل شروق الشمس، وتتجه إلى الحظيرة الصغيرة خلف المنزل، حيث تقف بقرتها الطيبة “بيلا”. وكانت “غريس” تجلس على المقعد الصغير وتحلب الحليب برفق وصبر، وهي تغني أغنية خفيفة تحبها البقرة، وكأنها تعرف أن صوت “غريس” يجعل الحليب يتدفق بسلاسة.
في أحد صباحات الربيع المشرقة، ملأت “غريس” دلواً كبيراً بالحليب الطازج، وغطّته جيداً، ثم وضعته على رأسها بعناية كما كانت تفعل دائماً، وانطلقت في طريقها إلى السوق. كانت الشمس قد بدأت تطلّ بخيوطها الذهبية، والطيور تغرّد فوق الأشجار، وغريس تسير بخطوات هادئة على الطريق الترابي. لكن قلبها كان مليئًا بالحماس.
بدأت تفكّر: «عندما أبيع هذا الحليب، سأشتري كعكة لذيذة من دكان العم بيدرو… وربما أشتري سلة من الفراولة الحمراء الطازجة». ثم فكّرت أكثر وقالت لنفسها: «إذا وفّرْتُ قليلاً، سأشتري دجاجة! نعم، دجاجة تضع البيض كل صباح. سأبيع البيض مع الحليب وأكسب مالاً أكثر!».
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهها، وبدأ خيالها ينطلق بعيداً: «مع المزيد من المال، سأشتري فستاناً جميلاً من متجر السيدة إميليا. سيكون باللون الأزرق السماوي، مزيّناً بالدانتيل الأبيض. سأرتديه في المهرجان، وستنبهر بي كل الفتيات في القرية!». وبينما كانت “غريس” غارقة في أحلامها، لم تنتبه أن خطواتها أصبحت أسرع، وبدأت تقفز بخفة من فرحتها، وكأنها ترقص مع أفكارها.
وفجأة… اختلّ توازنها، ومال الدلو قليلاً، ثم انسكب الحليب على الأرض! سقط بعضه على ثوبها، والباقي تسرّب في التراب الجاف، كأن الحلم كله ذاب واختفى.
توقّفت “غريس” فجأة، ونظرت إلى الدلو الفارغ، وعيناها تمتلئان بالدموع. ثم همست بأسى: «أوه لا… كل أحلامي ذهبت مع هذا الحليب… لا كعكة، لا فراولة، ولا دجاجة…».
عادت “غريس” إلى البيت بخطى بطيئة، تحمل دلوها الفارغ ووجهها حزين. وعندما رأتها والدتها، فتحت عينيها دهشة وقالت: «يا إلهي، ما الذي حدث؟ أين الحليب؟».
أجابت “غريس” بتنهيدة: «كنت أفكّر كثيرًا بكل ما أردت شراءه، وفجأة نسيت أن أحافظ على الدلو… وانسكب كل الحليب».
ابتسمت الأم وربتت على كتفها بلطف، ثم قالت بحكمة: «يا غريس يا عزيزتي، لقد أخبرتكِ من قبل… لا تعدّي عدد الدجاجات قبل أن تفقس من البيض».
ومنذ ذلك اليوم، تعلّمت “غريس” أن تعيش الحاضر، وتخطّط للمستقبل دون أن تستعجل فرحته. وعندما ذهبت إلى السوق في الأسبوع التالي، حرصت على إمساك الدلو جيداً… وعلى ألا تقفز في الطريق أبداً!
💡 تُعلّمنا القصة أن:
- التركيز على الحاضر أهم من التعلق بأحلام المستقبل غير المؤكدة. فـ”غريس” انشغلت بأحلامها الكثيرة، لكنها أضاعت الشيء الوحيد الذي تملكه فعلاً: الحليب.
- الطموح جيد، لكن يجب أن يكون مقروناً بالانتباه والعمل الواقعي، فالتخطيط مفيد فقط عندما لا يُلهينا عن مسؤولياتنا الحالية.
- التسرّع في الحسابات قبل تحقق النتائج يؤدي إلى خيبة الأمل، فلا نعد الأرباح قبل تنفيذ العمل، ولا نحلم بالنتائج قبل ضمان الأساس.
📚 هذه القصة مأخوذة من واحدة من خرافات إيسوب (Aesop) الكلاسيكية، وتُعرف أيضاً باسم “The Milkmaid and Her Pail”، ويمكنك قراءتها بنسختها الأصلية في مشروع غوتنبرغ