الأطفال ذوو الحساسية العالية لديهم مزاج فطري يجعلهم يتفاعلون مع التجارب الداخلية والخارجية، ويطلق على هؤلاء الأطفال “القلقين” و “الصعبين” و “المتوترين بسهولة” و “المتفجرين” و “العاطفيين للغاية“.
عادةً ما يواجه هؤلاء الأطفال وقتاً عصيباً مع التحولات والظروف غير المألوفة والأنشطة الجديدة وحتى الضغوطات الخفيفة، إذاً ما الذي يجب على الأهل فعله في هذه الحالات؟
تخيل مقياساً يتراوح من 1 إلى 10، بالنسبة إلى الطفل العادي عندما مواقف مثل الشعور بعدم الراحة الجسدية أو الاستبعاد أو الإحباط من مهمة ما يسجل على العداد باللون البرتقالي منطقة 6 أو 7 ، أما طفلك الحساس يختبر هذه المشاعر لدرجة تتراوح في المقياس 8 أو 9 أو 10 وهي المنطقة الحمراء، وهنا يصبح طفلك في حالة هستيرية وغير عقلانية ويصرخ ويخرج عن السيطرة تماماً.
الجدير بالذكر أن الغضب من الطفل في المنطقة الحمراء يشبه إلقاء الزيت على النار، لذا من الأفضل لك البقاء في المنطقة الخضراء الباردة. قد تبدو لك التوقعات الروتينية للطفل مثل وقت النوم والذهاب إلى المدرسة والمشاركة في الرياضات الجماعية كما لو كانت ضغوطاً خفيفة، ولكن يمكن أن يشعر بها الطفل العاطفي على أنها عوامل رئيسية.
قد تعتقد أن هذه الأشياء لا ينبغي أن تلقي بطفلك العاطفي في المنطقة الحمراء، لكن هذا الاعتقاد لن يساعد الطفل على تعلم كيفية تهدئة نفسه، فقط الكثير من إعادة التدريب المعرفي والعاطفي سيفعل ذلك.
ولا تكن سريعاً في التفكير في أن هذه مجرد وظيفة معالج متخصص، لأنه إذا عاد الطفل إلى المنزل إلى والديه الأكثر تعلقاً بهم ووجدهم غاضبين، فسيكون داخل دماغ الطفل عاصفة نارية مزمنة تمنعه من الوصول إلى أي حالة من الهدوء والراحة.

انهيارات الطفل العاطفي والحساس جداً
من الناحية العصبية عندما يعاني طفلك من الانهيار فإنه يواجه حالة تسمى (Amygdala Hijack/ اختطاف اللوزة الدماغية/ السلب النفسي)، ويكون الجزء العاطفي من دماغ الطفل يتفاعل مع ضغوط كما لو كان حيواناً مفترساً، وهذا يؤدي إلى ردّ فعل مثل القتال أو الهروب أو التجمد.
يحتاج آباء وأمهات هؤلاء الأطفال إلى تطوير مهاراتهم في تهدئة أنفسهم حتى يتمكنوا من مساعدة أطفالهم على تعلم تهدئة أنفسهم أيضاً، ففي حالة الطوارئ بالطائرة مثلاً، يجب أن تكون حقيبة الأوكسجين أولاً مع أحد الوالدين حتى يتمكن بعد ذلك من مساعدة طفله على النحو الأمثل.
يجب على الوالدين أن يكونوا هادئين وأن يفكروا ملياً فيما يقولونه وينقلونه عاطفياً إلى طفلهم الحساس العاطفي في لحظات الانهيار، ففي حالات الطوارئ “لا تفعل شيئاً … فقط قف هناك”، بعبارة أخرى أولاً “لا تؤذي“، حيث يمكن للنبرة الغاضبة للوالدين أو الحدة في صوتهم أن تنتقل بالطفل من حالة القلق إلى الصراخ الهستيري.
الإجهاد معدي
لقد وثّقت أبحاث التصوير العصبي أنه عندما ينشط دماغ شخص ما عند القلق والضيق، فإن دماغ أي شخص قريب منه ينشط أيضاً.
يعرف الأطفال ما يشعر به والديهم تجاههم، ويمكن للطفل الحساس اكتشاف المشاعر السلبية ويمكن أن تتدهور حالات الانهيار لديه إذا شعر أن والديه يفكرون: “أوه لا، ها هي مرة أخرى / ليس لدي وقت لهذه السخافة / لماذا لا يمكنه أن يكون مثل الأطفال الآخرين؟“.
لذا يجب أن يحاول الوالدين تحقيق حالة عاطفية هادئة قدر الإمكان عند الاستجابة لطفلهم العاطفي للغاية، فيما يلي إرشادات أكثر فائدة للتصرف في هذه الحالات.

7 نصائح للآباء والأمهات حول معالجة انهيارات الطفل العاطفي والحساس جداً، وكيفية التعامل مع التوتر
✅ تحقق من صحة مشاعر طفلك
تذكر أن التعاطف لا يعني الاتفاق، فأثناء الانهيار سوف يرتفع معدل ضربات قلب طفلك، ويبدو غير منطقي وغير معقول ويصبح “مغموراً” بهرمونات التوتر (التي تسبب الصداع وآلام المعدة ، بشكل حقيقي!).
التحدي الأكبر الذي يواجهه الوالدين في الوقت الحالي هو ألا يصبح رافضاً، لأن هذا يؤدي إلى تصعيد الطفل للصراخ ليوضح لأمه وأبيه مدى انزعاجه، فبدلاً من أن تقول «أنت تحب المدرسة… فأنت فقط تشعر بالدوار هذا الصباح» قل «لا تريد الذهاب إلى المدرسة اليوم… بطنك يؤلمك ويبدو أنه أسوأ يوم في حياتك».
✅ تحلى بالصبر وتفهّم ما يمرّ به طفلك
قل لنفسك: «طفلي يبذل قصارى جهده، وبالنظر إلى حالته العاطفية لا يمكنه أن يساعد نفسه في مثل هذا المزاج الحساس، وقد جاء بهذه الحالة المزاجية ببراءة مثل الأطفال الآخرين المصابين بالربو أو مرض السكري».
سينتج عن التعاطف حلّ أسرع لانفجار طفلك، رغم أنه سيستغرق دائماً وقتاً أطول مما تريد.
✅ استمع وكرر
بينما تجلس بهدوء وتستمع لطفلك، حاول فقط تكرار ما يقوله لك، لا تجادله بل أخبره أنك تستمع جيداً، وتحدث ببطء وهدوء شديد.
✅ القلق مثل الجاذبية – فما يصعد سينزل حتماً
بعبارة أخرى سوف يرتفع ذعر طفلك لكنه سيختفي دائماً، حيث يجب أن يكون هدف الوالدين هو “التحكم في الضرر”، بمعنى عدم جعل الأمر أسوأ من خلال الجدال أو الانتقاد أو حتى التحدث كثيراً، لأن أي تحفيز على الإطلاق يمكن أن يبقي مشاعر طفلك تغمر أو تتصاعد إلى ذروة أخرى.
✅ أنت لا تفسد طفلك
طمئن نفسك أن هذا النهج لا يفسد أو يدلل طفلك، ولكنه بدلاً من ذلك يعالج حالة القلق الشديد عنده، ورغم أن شعورك بأن الأمر يستغرق وقتاً طويلاً أو أنك تعزز السلوك السيئ لديه، تذكر أن الأساليب العقابية الأخرى لم تنجح.
✅ تذكر القول المأثور “الشخص الوحيد الذي يمكنك التحكم فيه هو أنت”
ربما تشعر بالضيق لأن طفلك منزعج، لذا قم بنمذجة “تهدئة نفسك” عن طريق ممارسة تمارين التنفس، تنفس ببطء لأكثر من خمس ثوان وقم بالزفير ببطء خلال الثواني الخمس التالية، واستخدم اليد الثانية على ساعتك واستمتع بأخذ أنفاس عميقة من البطن.
عندما تصبح مركزاً على مهاراتك في التهدئة الذاتية، قد يقرر طفلك الانضمام إليك، والمزايا الأخرى لضبط نفسك هي أنك بمثابة نموذج يحتذى به والتركيز يوجهك بعيداً عن كونك قسرياً مع طفلك.
✅ الإلهاء
إذا كان الضيق العاطفي لطفلك يتلاشى من المنطقة الحمراء (8-10) إلى المنطقة البرتقالية (6-7) على مقياس التوتر، فقد يساعده الإلهاء على الهدوء أكثر.
ربما يمكنك مشاركة قصة طفولتك عندما تحتاج إلى استخدام أسلوب مثل التنفس العميق أو التحدث الذاتي الإيجابي لتهدئة نفسك.
يستفيد جميع الأشخاص من مهارة التهدئة الذاتية هذه والمعروفة أيضاً باسم “التنظيم العاطفي”، إنه أحد الأركان الأساسية للذكاء العاطفي، فمعظم آباء المراهقين يحتاجون إلى العمل على تهدئة أنفسهم من أجل التعامل مع مشاكل المراهقة لأطفالهم. لكن قد يجد آباء الأطفال الصغار الذين يعانون من مزاج حساس وقلق أيضاً أنهم بحاجة إلى أن يصبحوا ماهرين للغاية في الصبر والتهدئة الذاتية في وقت مبكر من تربية الأطفال.