منذ لحظة الولادة، يبدأ دماغ الطفل بالنمو والتشكّل عبر التفاعل مع العالم من حوله. اللعب، التحدث، الاستكشاف، وحتى العلاقات اليومية البسيطة مع الوالدين تشكّل بيئة تعليمية ثرية. في هذه المقالة، نستعرض كيف يبدأ التعلم لدى الأطفال منذ الرضاعة وحتى مرحلة ما قبل المدرسة، والدور المحوري الذي تلعبه الأسرة في دعم هذا التعلم وتنميته.
عن التعلم في السنوات الأولى
يولد الأطفال مستعدين للتعلم، وتتطور أدمغتهم من خلال التجارب. لذلك، يحتاج طفلك إلى بيئة محفزة مليئة بالعديد من الطرق المختلفة للعب والتعلم، كما يحتاج طفلك إلى فرص لتكرار وممارسة ما يتعلمه.
يتعلم الأطفال الرضع والصغار بشكل أفضل عندما يكون لديهم علاقات دافئة وملتزمة ومستجيبة مع مقدمي الرعاية الرئيسيين. لذلك، فأنت تلعب دوراً حيوياً في مساعدة طفلك على التعلم خلال سنواته الأولى، وتذكّر أنك أنت أول معلم لطفلك، وسيستمر طفلك في التعلم منك مع تقدمه في العمر.
كيف يتعلم الأطفال الرضع والصغار؟
يتعلّم طفلك الصغير من خلال اللعب والاستكشاف اليومي في بيئة آمنة ومحفزة، وتعد علاقات طفلك معك ومع أفراد الأسرة الآخرين والمقدمين للرعاية – على سبيل المثال، المعلمين المبكرين – هي الأساس لتعلم طفلك وتطوره بشكل صحي.
الكثير من الوقت الذي يقضيه في اللعب والتفاعل معك ومع الآخرين يساعد طفلك على تعلم المهارات التي يحتاجها للحياة – مثل التواصل، التفكير، حل المشكلات، والتواجد مع الآخرين.
يتعلم طفلك بشكل أفضل من خلال التفاعل النشط مع بيئته، ويشمل ذلك:
🔹 مراقبة الأشياء، مشاهدة الوجوه والاستجابة للأصوات
🔹 الاستماع إلى الأصوات، صنع الأصوات والغناء
🔹 الاستكشاف – على سبيل المثال، وضع الأشياء في فمه، هزّ الأشياء وتدويرها
🔹 طرح الأسئلة – على سبيل المثال، “لماذا؟”
🔹 التجريب مع القوام، الأشياء والمواد مثل الماء، الرمل أو التراب
🔹 بناء الأشياء من الأشياء مثل صناديق الكرتون أو الكتل اللعب
🔹 القيام بأشياء تحفز حواسهم – اللمس، الطعم، الرائحة، الرؤية والسمع
يتعلم طفلك أيضاً من خلال المشاركة في تعلمه، وقد يكون ذلك بسيطاً مثل:
🔹 اختيار الكتب للقراءة
🔹 الإشارة إلى الصور في الكتب
🔹 اختيار الأشياء والألعاب للعب
🔹 اختيار الخضروات للعشاء
🔹 قياس الدقيق لصنع الكعك
ما يتعلمه الأطفال الصغار
أنت وعائلتك تلعبون دوراً حيوياً فيما يتعلمه طفلك في هذه السنوات الأولى.
✅ الذات والعلاقات: منك ومن عائلتك، يتعلم طفلك أنه محبوب ومهم، ويبدأ طفلك في فهم احتياجاته الخاصة، أفكاره، مشاعره، ما يحب وما لا يحب. في نهاية المطاف، تعلم العلاقات العائلية طفلك كيفية التعامل مع الأطفال الآخرين والكبار.
✅ اللغة والتواصل: عندما تتحدث، تستمع، تقرأ وتغني مع طفلك، فأنت تساعده على تعلم اللغة، الاتصال الكتابي والشفهي، ومهارات المحادثة مثل أخذ الأدوار والاستماع.
✅ المكان والبيئة: في المنزل معك، يتعلم طفلك عن حجمه وشكله الخاص – على سبيل المثال: “أنا أكبر من كرسينا ولكن لست بكبير كطاولتنا”. يتعلم طفلك أيضاً عن مكانه في مجتمعه وتأثيره على العالم من حوله.
✅ الصحة واللياقة البدنية: عندما يتعلق الأمر بالأكل الصحي والنشاط البدني، أنت نموذج رئيسي لطفلك.
في السنوات الأولى، لا يحتاج طفلك إلى أدوات تعليمية متقدمة بقدر ما يحتاج إلى حبك، تفاعلك، واهتمامك اليومي.
كل لحظة تقضيها معه – من قراءة قصة بسيطة إلى اللعب بالماء أو الغناء – تُعد خطوة في طريق بناء مهاراته الاجتماعية، اللغوية، والإدراكية. كن دائماً حاضراً، فكل تواصل صغير بينكما يُحدث فرقاً كبيراً في مسيرة تعلّمه.