في عالمٍ لا يخلو من المخاطر، تبرز أهمية التوعية كخط الدفاع الأول لحماية الأطفال من الاعتداءات، خاصةً الجنسية منها. ومع أن مجرد التفكير في هذا الموضوع قد يكون مؤلماً ومقلقاً، إلا أن تجاهله لا يحمي أطفالنا، بل يجعلهم أكثر عرضة للخطر.
الحديث مع الأطفال عن حدود الجسد، والخصوصية، والحق في قول “لا”، لا يُفقدهم براءتهم كما يعتقد البعض، بل يمنحهم القوة، الثقة، والوعي اللازم لحماية أنفسهم والتحدث عند الشعور بالخطر. في هذا الدليل العملي، سنساعدك على كسر حاجز الصمت بلغة تناسب عمر الطفل، وبأسلوب يعزز شعوره بالأمان دون إثارة الخوف.
كل محادثة صادقة، وكل لحظة استماع واحتواء، هي خطوة نحو بيئة أكثر أماناً لأطفالنا.
يستجيب الأطفال للاعتداء الجنسي بطرق متنوعة. وهناك العديد من العوامل التي تؤثر في كيفية استجابة الطفل، منها:
- عمر الطفل ومرحلته النمائية
- نوع ومدة الاعتداء
- علاقة الطفل بالشخص المعتدي
- قدرة الطفل على معالجة مشاعره والتعبير عنها
- التجارب السابقة مع الصدمات
- المعتقدات الثقافية، ديناميكيات الأسرة، والمواقف المجتمعية
قد لا يخبرك الطفل دائماً بتعرضه للاعتداء الجنسي. وبدلًا من ذلك، قد تلاحظ علامات جسدية أو تغيرات في السلوك أو المشاعر.
بعض الأطفال قد يظهرون علامات خفيفة فقط، وآخرون قد لا يظهرون أي علامات على الإطلاق. كما يمكن أن تتغير العلامات بمرور الوقت مع تطور الطفل.
إذا أظهر طفلك أو الطفل الذي ترعاه واحدة أو أكثر من العلامات أدناه، فهذا لا يعني بالضرورة أنه قد تعرّض للاعتداء الجنسي. فهناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تغير سلوك الطفل، لكن من المهم النظر في كل الاحتمالات، بما في ذلك الاعتداء الجنسي.
تذكّر: الأشخاص الذين يعتدون جنسياً على الأطفال يكونوا غالباً من أفراد العائلة أو أشخاصاً يعرفهم الطفل وتثق بهم أنت
علامات الاعتداء الجنسي عند الأطفال
التغيرات في المشاعر
قد تلاحظ أن طفلك:
- يبدو خائفاً أو تظهر عليه علامات القلق أو الاكتئاب في مرحلة الطفولة أو المدرسة أو ما قبل المراهقة
- أصبح أكثر هدوءاً أو انعزالاً من المعتاد
- يبكي بدون سبب واضح
- بدأ في التبول اللاإرادي أو التبرز في ملابسه
- يطرح أسئلة مثل: “هل يجب على الناس الاحتفاظ بالأسرار؟“
- عدواني أو غاضب بدون سبب واضح
- يبذل جهداً كبيراً لإرضائك بشكل غير معتاد
- فقد اهتمامه بالأنشطة التي كان يستمتع بها
- أصبح متعلقاً بك بشكل مفرط
التغيرات في السلوك
قد تلاحظ أن طفلك:
- لم يعد مهتماً باللعب أو يتجنب أماكن أو أشخاصًا معينين
- يُظهر سلوكاً جنسياً غير مناسب لعمره أو مرحلته النمائية
- يعاني من صعوبة في النوم أو كوابيس أو ينام كثيراً أو يفضل النوم قرب الآخرين
- يأكل أكثر أو أقل من المعتاد، ويكتسب أو يفقد الوزن
- أصبح أداؤه الدراسي أسوأ
- لا يهتم بنظافته الشخصية
- يستخدم لغة جنسية أو صريحة
- يتصرف كما لو كان أصغر من عمره
العلامات الجسدية
قد تلاحظ أن طفلك لديه:
- تورم أو كدمات أو نزيف أو احمرار أو تهيج في المنطقة التناسلية
- ألم أو انزعاج عند التبول
- صداع أو آلام في البطن بدون سبب واضح
- صعوبة في الجلوس أو المشي
- كدمات في أماكن رخوة مثل الأرداف أو الفخذين
- التهابات بولية متكررة
- أعراض عدوى منقولة جنسياً، مثل الإفرازات من القضيب أو المهبل
علامات الاعتداء الجنسي عند المراهقين
التغيرات في المشاعر
قد تلاحظ أن ابنك المراهق:
- عدواني أو غاضب بدون سبب واضح
- يشعر بالغضب أو القلق أو الخوف عند ذكر شخص أو مكان معين
- يعاني من صعوبة في بناء العلاقات أو الحفاظ عليها
- يبكي بدون سبب ظاهر
- يعاني من انخفاض في تقدير الذات
- تظهر عليه علامات اكتئاب أو قلق المراهقين
- مشوش حول هويته الجنسية
التغيرات في السلوك
قد تلاحظ أن ابنك المراهق:
- بدأ يرتدي ملابس مختلفة
- يرتدي ملابس أو يستخدم مقتنيات جديدة (أحذية، حقائب، مجوهرات، إلكترونيات) دون تفسير واضح
- يشارك في سلوك جنسي ضار، بما في ذلك النشاط الجنسي الخطر
- يخاطر أكثر، مثل تعاطي المخدرات أو الكحول أو الانخراط في سلوكيات متهورة
- يؤذي نفسه
- يقضي وقتاً طويلاً على الإنترنت ويُبقي نشاطه سرياً
- يأكل بطريقة مختلفة
- يعاني من مشاكل في النوم أو كوابيس أو ينام أكثر من اللازم
التغيرات في الحياة المدرسية والاجتماعية
قد تلاحظ أن ابنك المراهق:
- يقضي وقتًا أطول بمفرده
- بدأ بالتسكع مع أشخاص مختلفين
- يتجنب أماكن أو أشخاصًا معينين، مثل منزل صديق أو فريق رياضي
- يبتعد عن أنشطة كان يحبها أو يسأل أسئلة مثل “هل يجب أن أذهب إلى الموسيقى اليوم؟”
- تراجع مستواه الدراسي
العلامات الجسدية
قد تلاحظ أن ابنك المراهق:
- لديه تورم أو كدمات أو نزيف أو احمرار أو تهيج في المنطقة التناسلية
- يعاني من ألم أو انزعاج عند التبول
- يواجه صعوبة في الجلوس أو المشي
- يعاني من صداع أو آلام في البطن بدون سبب واضح
لديه كدمات في أماكن رخوة مثل الأرداف أو الفخذين - يعاني من التهابات بولية متكررة
- تظهر عليه أعراض عدوى منقولة جنسياً، مثل الإفرازات من القضيب أو المهبل
- تظهر عليه علامات الحمل
لماذا من المهم التحدث مع الأطفال عن الاعتداء الجنسي؟
التحدث مع طفلك أو الطفل الذي ترعاه عن الاعتداء الجنسي يمكن أن يساعد في حمايته. فالحوار يساعد الطفل على فهم ما هو الاعتداء الجنسي، ويمنحه اللغة التي يحتاجها للتعبير عنه. كما أن المحادثات الصريحة والصادقة ترسل رسالة مفادها أن الطفل يمكنه دائماً التحدث معك، وأنك ستستمع له مهما كان الأمر.
كيف تتحدث عن الاعتداء الجنسي على الأطفال؟
يمكنك البدء بمحادثات عن الجسم، والعلاقات المحترمة، والموافقة، واللمس، ومواضيع أخرى، ومن الأفضل استخدام لغة يفهمها الطفل.
- مع الأطفال الصغار، تحدث عن أجزاء الجسم وساعدهم على تعلم الأسماء الصحيحة لأعضائهم التناسلية.
- مع الأطفال الأكبر سناً، تعرف على الطريقة التي تُدرّس بها المدرسة مواضيع مثل الصحة الجنسية والسلامة الشخصية، ثم تابع ذلك في المنزل.
- الكتب وسيلة رائعة لبدء المحادثات، مثل:
Everyone’s Got a Bottom لـ Tess Rowley
My Body Belongs to Me لـ Jill Starishevsky وAngela Padron
Some Secrets Should Never Be Kept لـ Jayneen Sanders وCraig Smith
Let’s Talk About Body Boundaries, Consent & Respect لـ Jayneen Sanders وSarah Jennings
Someone Should Have Told Me لـ Holly-ann Martin وMarilyn Fahie
My Underpants Rule! لـ Kate وRod Power
No Difference Between Us لـ Jayneen Sanders
Milly’s Message لـ Liz Walker
My Body is Private لـ Linda Walvoord Girard
الاستماع إلى مخاوف الطفل
أحياناً أثناء الحديث، قد يشاركك الطفل بأشياء أو مخاوف. من المهم أن تستمع له وتصدقه، حتى لو بدا ما يقوله صعب الفهم. إذا شاركك الطفل بمخاوفه، افعل ما يلي:
- كرّر كلامه للتأكد من الفهم: مثلاً: “أنت لا تحب لما السيدة x تعانقك؟” أو “أنت شايف إن الأستاذ ب يتصرف بطريقة غريبة؟“
- أخبره بما يمكن فعله إذا تكرر الموقف: مثلاً: “إذا حاولت السيدة x تعانقك وانت ما بتحب، فيك تقول لا وتبتعد عنها“
- طمئنه أنه فعل الصواب: “مش مسموح لحدا يعمل شي يخليك تحس بعدم ارتياح، وأنا فيني أساعدك إذا حبيت“
قول “لا”: مساعدة الطفل على الدفاع عن نفسه
ليس من مسؤولية الطفل حماية نفسه من الاعتداء، ولكن تعليمه قول “لا” للمسّ أو التصرف غير المرغوب به يساعده في وضع حدود لنفسه. من حق الطفل أن يرفض التقبيل أو العناق أو الدغدغة إذا لم يشعر بالارتياح، حتى لو كان الشخص لطيفًا أو شخصية ذات سلطة كالمعلم أو المدرب.
من المهم أيضاً تعليم الطفل احترام “لا” عندما يقولها الآخرون — فاحترام حدود الآخرين جزء من تعلم الدفاع عن حدود النفس.
من المفيد التدرب على هذه المواقف:
- قول “لا” بلطف عندما لا يريد فعل شيء
- ثم التدرب على قول “لا!” بصوت قوي إذا لم يتوقف الموقف وجعل الطفل يشعر بعدم الأمان
- طمئنه أنه في حالة الطوارئ، يمكنه أن يصرخ ويطلب المساعدة
الشعور بعدم الأمان: تعليم الطفل العلامات التحذيرية المبكرة
جسد الطفل يرسل إشارات عندما يشعر بعدم الراحة أو الأمان. هذه العلامات تساعده على التعرف على المواقف غير الآمنة.
- مع الأطفال الصغار، يمكنك قول: “لما تحس إنك بخطر، ممكن تحس إن بطنك عم يرفرف، قلبك عم يدق بسرعة، جسمك حار أو بيرتعش، أو بتحس برجليك مثل الجيلي“
- مع الأكبر سناً: “قلبك ممكن يدق بسرعة، عضلاتك تتوتر، إيديك تتعرق، بتحس بحر أو بدوّخة أو كأنك بدك تستفرغ“
ما الذي يجب فعله عند الشعور بعدم الأمان؟
علّم طفلك أنه من الطبيعي والمهم أن يتصرف بناءً على العلامات التحذيرية: “إذا كنت مع شخص وحسّيت بهالمشاعر، فيك تترك المكان وتروح لعند شخص بتحس معه بالأمان. واحكيلي شو صار لأقدر أساعدك“
اللمس غير المناسب: شرح حدود الجسم الشخصية
يجب أن يعرف طفلك أن جسده ملك له. هذا يعني أن لا أحد يحق له لمسه أو طلب رؤية أجزائه الخاصة أو تصويرها، خاصة الأعضاء التناسلية، واشرح له مفهوم “السبب الجيد”: مثلًا، “الدكتور ممكن يشوف أو يلمس جسمك إذا كنت مريض، بس فقط إذا أنا موجود“
- للأطفال الصغار: “جسمك إلك. ما حدا بيحق له يلمسك أو يشوف جسمك بدون سبب. إذا حدا كبير أو طفل أكبر حاول يلمس أعضائك أو يفرجيك أعضاؤه، هالشي مو مقبول، حتى لو كنت بتعرفه. احكيلي فوراً حتى لو قالك ما تحكي“
- للأطفال الأكبر: “جسمك ملكك. إذا حدا طلب يلمسك أو يشوف أعضائك أو يفرجيك أعضاؤه، لازم تحكيلي فوراً، حتى لو كان شخص بتحبه أو بتعرفه، وحتى لو طلب منك تخلي الموضوع سر“
المفاجآت والأسرار الخطيرة: تعليم الفرق
المعتدون يحتاجون لأن يبقى الاعتداء سراً. لذلك من المهم أن يعرف الطفل الفرق بين المفاجآت والأسرار غير الآمنة.
- للأطفال الصغار:
- المفاجآت: “المفاجآت شي حلو، مثل لما جدتك تقلك شو جابت لأختك هدية. الكل رح يعرف بالمفاجأة وقت عيد ميلادها“
- الأسرار غير الآمنة: “في أسرار بتخليك تحس بالخوف، مثل إذا رفيقك قالك إنه بده ياخد شي مو إله وما بدك تخبر حدا. الأسرار ممكن تخلينا نحس بشع. احكيلي أو احكي لشخص كبير بتوثق فيه“
- المفاجآت: “المفاجآت شي حلو، مثل لما جدتك تقلك شو جابت لأختك هدية. الكل رح يعرف بالمفاجأة وقت عيد ميلادها“
- للأطفال الأكبر:
- المفاجآت: “المفاجآت لفترة قصيرة وبتفرّح الناس، والكل بيعرفها بالنهاية“
- الأسرار الخطيرة: “ممكن تخليك تحس بعدم ارتياح، ويمكن اللي قالها يطلب إنك ما تحكي لحدا، حتى إلي. هون لازم تحكيلي فوراً“
- المفاجآت: “المفاجآت لفترة قصيرة وبتفرّح الناس، والكل بيعرفها بالنهاية“
الأماكن والمواقف الآمنة وغير الآمنة: تعليم الطفل التمييز بينها
تحدث مع طفلك عن الأماكن والمواقف التي تجعله يشعر بالأمان أو بالخطر.
اسأله: “وين بتحس حالك آمن ومبسوط؟ شو شكل هالمكان؟ مين معك؟ ليش بتحس بالأمان فيه؟“
كل طفل عنده أماكن مختلفة بيحس فيها بالأمان، فالأفضل نخليه هو يوصف هالمكان، ودرّبه على كيفية التصرف في مواقف غير آمنة:
أمثلة للأسئلة:
- “شو بتعمل إذا شخص غريب طلب منك تساعده تلاقي كلبه؟”
- “شو بتعمل إذا حسّيت بعدم الراحة بمرحاض عام؟”
- “شو بتعمل إذا شخص بتحبه عمل شي خلاك تحس بالخوف أو بعدم الارتياح؟”
- “شو بتعمل إذا حدا على الإنترنت طلب يبعتلك صور عارية وقالك إنه رح يأذيك إذا ما عملت؟”
- “شو بتعمل إذا حدا لمسك بطريقة مش مريحة أو مش مناسبة؟”
التحدث عن الاعتداء الجنسي مع الأطفال ذوي الإعاقة
إذا كان طفلك يعاني من إعاقة، قد تحتاج إلى تكييف المحادثات بما يتناسب مع أسلوب تواصله واحتياجاته الذهنية والعاطفية.
من الأفضل إجراء محادثات قصيرة ومتكررة. يمكن للطبيب أو اختصاصي النطق أو العلاج المهني مساعدتك في كيفية إدارة هذه المحادثات.
الوقاية من الاعتداء الجنسي عبر الإنترنت
في ظل الانتشار الواسع لاستخدام الإنترنت بين الأطفال والمراهقين، تزداد المخاطر التي قد يتعرضون لها، ومن أخطر هذه المخاطر: الاعتداء الجنسي عبر الإنترنت، سواء من خلال محادثات مباشرة، أو مشاركة صور، أو محاولات استدراج (Grooming) يقوم بها بالغون بقصد استغلال الأطفال. لذلك، تعتبر الوقاية والتوعية أدوات أساسية لحماية الأطفال من هذه التهديدات.
لحماية الأطفال من هذه الاعتداءات، من المهم أن نبدأ بتوعيتهم منذ سن مبكرة وفقاً لمرحلتهم العمرية:
-
الأمان الرقمي للأطفال قبل سن المدرسة: يجب تعليمهم القواعد الأساسية لاستخدام الأجهزة مثل الهواتف أو الأجهزة اللوحية، مثل عدم التحدث مع الغرباء على الإنترنت، وعدم مشاركة صورهم أو أسمائهم أو أي معلومات شخصية، حتى لو طلبها شخص يدّعي أنه صديق.
-
الأمان الرقمي للأطفال في سن المدرسة: يحتاج الأطفال في هذا العمر إلى فهم أعمق حول الخصوصية، وتمييز العلاقات الآمنة من غير الآمنة على الإنترنت. يجب تعليمهم كيف يتعاملون مع الرسائل المشبوهة، وضرورة إبلاغ الأهل أو المعلمين عند حدوث أي شيء مريب أو مقلق.
-
الأمان الرقمي للمراهقين: في هذه المرحلة، يزداد استقلال المراهقين في استخدام الإنترنت، ما يجعلهم أكثر عرضة لمحاولات الاستدراج الجنسي أو التلاعب العاطفي. يجب الحديث معهم بصراحة عن مخاطر تبادل الصور الخاصة، أو الثقة بأشخاص غرباء على الإنترنت، بالإضافة إلى تعزيز ثقتهم في التوجه للأهل عند مواجهة أي موقف مقلق أو مخيف.
إضافة إلى ذلك، من الضروري فهم مفهوم الاستدراج الجنسي (Grooming) عبر الإنترنت، وهو أسلوب يستخدمه المعتدون لبناء علاقة ثقة تدريجية مع الطفل بهدف استغلاله جنسياً لاحقاً. يتم ذلك من خلال الإطراء، الهدايا، أو الحديث عن المشاعر، ما قد يجعل الطفل يشعر بأنه في علاقة آمنة، في حين أن الهدف الحقيقي خبيث وخطير. لذا، تعليم الأطفال كيف يتعرفون على هذه الأساليب، وتوفير مساحة آمنة لهم للتحدث عن تجاربهم ومشاعرهم، هو أمر بالغ الأهمية.
في النهاية، فإن الوقاية تعتمد على التواصل المفتوح والمستمر بين الأهل وأطفالهم، والوعي المتبادل حول كيفية استخدام الإنترنت بشكل آمن ومسؤول.
كيف تتصرف إذا أخبرك طفل عن تعرّضه للاعتداء الجنسي
إذا أخبرك طفلك أو طفل تحت رعايتك بأنه هو أو أحد معارفه قد تعرّض للاعتداء الجنسي، فمن الطبيعي أن تشعر بالغضب أو الصدمة أو القلق. لكن من المهم أن تضع مشاعرك جانباً في تلك اللحظة، وتساعد الطفل على الشعور بالأمان والقدرة على الحديث عما حدث.
كيف تستمع
- كن صبوراً، وحاول أن تبقى هادئاً. تنفس ببطء وعمق
- استمع جيداً لطفلك دون مقاطعة. أعطه كامل انتباهك، ودعه يروي القصة بأسلوبه الخاص وبالسرعة التي تناسبه
- أخبر طفلك أنك ستظل تستمع له مهما حدث
- صدّق الطفل. أخبره أنك تصدقه، حتى وإن بدت القصة غير منطقية في البداية
كيف تستفسر
- لا تُكثر من الأسئلة، لأن ذلك قد يُثني الطفل عن رواية قصته، ويؤثر على الإجراءات القانونية لاحقاً
- اكتفِ بالأسئلة المفتوحة مثل: “ماذا يمكنك أن تخبرني أيضاً؟“
- تجنب الأسئلة الموجهة مثل: “هل لمسك؟“
ماذا تقول
- طمئن الطفل أن ما حدث ليس خطأه، وأنه لن يُعاقب على ذلك
- أشكر الطفل على مشاركته، وقل له إنه تصرف بشجاعة وأحسنَ فعلاً بإخباره لك
- أخبره أنه يمكنه سؤالك عن أي شيء، وحاول أن تجيب بصدق، وإذا لم تعرف الإجابة، فأخبره أنك ستبحث عنها
- تحدث مع الطفل حول ما يمكن فعله لمساعدته على الشعور بالأمان والحب، وكن مستعداً لتلبية احتياجاته
جميع الأطفال لهم الحق في أن ينشأوا بأمان بعيداً عن الأذى. الحديث معهم عن الاعتداء الجنسي ومحاولة حمايتهم منه هو جزء من بناء بيئة آمنة تعزز نموهم
القلق بشأن الاعتداء الجنسي: تشجيع الطفل على الحديث
قد لا يخبرك الطفل مباشرة، لكنك تشعر بالقلق لوجود إشارات، أو ربما سمعْت من أحدهم شيئاً.
الأطفال يجدون صعوبة في الحديث عن هذه الأمور، وقد يشعرون بالارتباك أو الإحراج، أو الخوف من تفاقم الوضع، أو يظنون أنك لن تصدقهم، أو قد طُلب منهم إبقاء الأمر سراً.
يمكنك قول أشياء مثل:
- “يبدو عليك القلق، هل هناك شيء يزعجك؟”
- “أنا هنا لتسمع مني أي شيء، مهما كان.”
- “أين تشعر بالألم/الانزعاج؟ ومتى حدث ذلك؟”
- للمراهق: “ألاحظ أنك تواجه شيئاً صعباً… هل تريد التحدث؟ أو هل هناك شخص تثق به يمكن أن تتحدث معه؟”
إذا بدأ الطفل بطرح أسئلة، إليك بعض الردود الممكنة:
- “هل يجب أن أحتفظ بالأسرار؟”
“لا، لا يجب أبداً أن تحتفظ بسر يجعلك تشعر بعدم الراحة. يمكنك دائماً أن تخبرني أو أي شخص بالغ تثق به.” - “هل من الطبيعي أن يفعل السيد (x) أشياء غريبة؟”
“ما الأشياء الغريبة التي يفعلها؟” - “هل يجب أن أذهب لحصة الموسيقى اليوم؟”
“كيف تشعر حيال الذهاب؟ هل هناك شيء يزعجك هناك؟” - “ما بحب الألعاب يلي بيلعبها ابن عمي Y”
“شو نوع الألعاب؟ ممكن تحكيلي عنها؟”
بعد أن يخبرك الطفل عن الاعتداء الجنسي
قد لا يُفصح الطفل عن كل شيء دفعة واحدة، وقد يستغرق الأمر أياماً أو حتى أسابيع. كن صبوراً، وتأكد من تواجدك بجانبه. قد يعني ذلك البقاء في المنزل معه، أو التحدث معه بانتظام، أو أخذه من المدرسة، أو فقط أن تكون متاحاً له. إذا طلب منك الطفل ألا تخبر أحداً، لا تُعطه وعداً بذلك. بل أخبره بأنك ستفعل ما هو ضروري لحمايته، وقد تضطر للتحدث إلى أشخاص آخرين، ولكنك ستُعلمه دائماً بما ستفعله.
ماذا تفعل بعد أن يخبرك الطفل عن الاعتداء الجنسي: الإبلاغ عن الاعتداء
- إذا حدث الاعتداء أو هناك خطر فوري: بلّغ الشرطة فوراً
- إذا لم تكن متأكداً لكنك تشك بحدوث شيء ما: استشر مختصين. تحدّث مع الشرطة أو مسؤولين عن حماية الأطفال. هؤلاء لديهم الخبرة ويقدمون لك التوجيه الصحيح.
- إذا لاحظت علامات جسدية تدل على الاعتداء: اصطحب الطفل فوراً لفحص طبي من قِبل مختص لديه خبرة في الاعتداء الجنسي. الشرطة يمكن أن تساعد في هذا.
عند الإبلاغ عن الاعتداء الجنسي
احتفظ بملاحظات دقيقة لما حدث:
- ما الذي قاله الطفل بكلماته
- أي إصابات جسدية لاحظتها
- التغييرات في سلوك الطفل
- أي مواقف لاحظتها بين الطفل والشخص المشتبه به
أي شيء آخر لاحظته عن تصرفات الشخص
لا تواجه الشخص المشتبه به، حفاظاً على سلامتك وسلامة الطفل
شرح الخطوات القادمة للطفل
عندما يمر الطفل بتجربة صعبة أو مقلقة، من الطبيعي أن يشعر بالقلق أو الخوف من المجهول. قد يسأل: “شو رح يصير بعدين؟ مين رح يعرف؟ هل أنا عملت شي غلط؟“ في هذه اللحظات، من المهم أن نمنح الطفل شعوراً بالأمان والوضوح من خلال شرح الخطوات القادمة بطريقة بسيطة، صادقة، ومناسبة لعمره.
ابدأ بتأكيد أنك موجود لحمايته، وأن ما حدث ليس خطأه أبداً. ثم أخبره أن هناك بعض الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان سلامته. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول له: “أنا موجود هون علشان أساعدك وأحميك. فيه ناس شغلتهم يساعدوا الأطفال، وأنا حكيت اليوم مع مكان اسمه (اسم المركز أو الجهة)، وقالولي إنه مهم إن الشرطة تعرف لما يصير شي من هالنوع. الشرطة مو جايين يزعجوك، هم جايين يساعدوك“
اشرح له أنه قد يكون هناك مختصون آخرون، مثل الأطباء أو الأخصائيين النفسيين، سيرغبون في التحدث معه ليتأكدوا من أنه بخير، وليس لأنه في ورطة. يمكن أن توضح له مثلاً: “ممكن يطلبوا منك تحكي مع شخص كبير يعرف كيف يسمع للأطفال، هو شغله يسمعك ويطمن عليك. وأنا رح أكون معك بكل خطوة، ما رح أتركك لحالك“
أهم ما في الأمر أن يشعر الطفل بأنه ليس وحده، وأن هناك بالغين مسؤولين يهتمون لأمره ويعملون لحمايته. كلما كنت صادقاً، مطمئناً، وواضحاً، زادت ثقته بك، وسهل عليه تجاوز ما مر به.