في قلب البحر الأبيض المتوسط، وعلى ضفاف التاريخ، يرفرف علم اليونان كرمز خالد للحريّة، والإيمان، والوحدة الوطنية. لا يحمل هذا العلم ألواناً فقط، بل يُجسّد في تصميمه نضال أمة، ويمتدّ بجذوره إلى قرون من الكفاح والتقاليد والثقافة.
يتكون العلم من 9 خطوط أفقية تتناوب بين اللونين الأزرق والأبيض، تتصدره زاوية علوية بها صليب أبيض داخل مربع أزرق. وراء هذا التصميم البسيط تكمن معانٍ تاريخية وثقافية وروحية عميقة، جعلت من العلم اليوناني واحداً من أكثر الأعلام تميزاً في العالم.
رمزية ألوان وتصميم علم اليونان
-
الأزرق: يرمز إلى البحر والسماء، والحرية التي ناضل الشعب من أجلها. كما يعكس ارتباط اليونانيين العميق بجغرافيتهم البحرية.
-
الأبيض: يمثل نقاء الروح والعدالة، وأيضاً الأمواج التي تصطدم بشواطئ البلاد كأنها تهمس بقصص الكفاح.
-
الصليب الأبيض: يُجسد المسيحية الأرثوذكسية، الديانة الرسمية، التي لعبت دوراً محورياً في الحفاظ على الهوية الثقافية اليونانية خلال قرون الاحتلال العثماني.
ماذا تعني الخطوط التسعة في علم اليونان؟
يُقال إن الخطوط التسعة ترمز إلى المقاطع التسعة لعبارة “الحرية أو الموت” (Ελευθερία ή Θάνατος – Elefthería í Thánatos)، الشعار الذي حمله الثوار في وجه العثمانيين، والذي أصبح تعبيراً جوهرياً عن إرادة الاستقلال لدى الشعب اليوناني.

لمحة تاريخية عن تطور علم اليونان
-
قبل الاستقلال: لم يكن لليونان علم موحد، بل كانت هناك رموز وشعارات دينية وقبلية متعددة.
-
الثورة اليونانية (1821–1829): مع انطلاق الثورة ضد الحكم العثماني، رُفع العلم لأول مرة عام 1822 خلال الجمعية الوطنية الأولى في إبيداوروس.
-
التعديلات اللاحقة: شهد العلم اليوناني تغييرات طفيفة خلال الحكم الملكي والعسكري.
-
التثبيت الرسمي: تم اعتماد التصميم الحالي رسميًا في 22 ديسمبر 1978، ليكون الراية الوطنية الدائمة لجمهورية اليونان.
استخدام علم اليونان في الحياة اليومية
-
الأيام الوطنية: مثل يوم الاستقلال في 25 مارس ويوم “أوخي” (28 أكتوبر/ تشرين الأول)، يزين العلم الشوارع والمباني والمدارس.
-
التعليم والمدارس: يُرفع العلم يومياً في المدارس، ويُمنح الطلبة المتفوقون شرف حمله في الاستعراضات الوطنية.
-
المناسبات الدينية والرياضية: يظهر العلم في الكنائس وفي مباريات الفرق الوطنية، كرمز للوحدة والانتماء.
قوانين واحترام علم اليونان
-
يُمنع تدنيس العلم أو استخدامه بشكل مسيء.
-
يُرفع في الأيام الرسمية، مع الالتزام بآداب التنكيس أو الإنزال.
-
يُعلّق العلم في الأماكن العامة والخاصة احترامًا للمناسبات الوطنية.
علم اليونان ليس فقط تمثيلاً لدولة، بل يعكس حضارة امتدت آلاف السنين. عندما يُرفع في المحافل الدولية، يكون شاهداً على روح الديمقراطية التي وُلدت في أثينا، وعلى حضارة أثرت في العالم في الفلسفة والفن والسياسة. كما يحمل العلم اليوناني في طيّاته عبق التاريخ وأصالة الهوية. من كفاح الثوار إلى صلوات الكنائس، ومن أمواج البحر إلى قمم الجبال، يظل العلم رمزاً للأمل والتضحية والكرامة الوطنية. إنه راية لا ترفرف فقط في السماء، بل تسكن القلوب اليونانية كجزء لا يتجزأ من الذات والذاكرة الجماعية.