في صحراءٍ بعيدة🌞🌞، كانت الألوان الزاهية تختبئ بين الرمال، وكانت هناك وردة جميلة 🌹 تتلألأ تحت الشمس، بجانب نباتٍ صامت لا يلفت الأنظار🌵. لكنّ الأيام في الصحراء ليست دائمًا ناعمة، وما يبدو لامعًا في البداية قد يُخفي وراءه دروساً كبيرة…📚🧐
في عمق صحراءٍ بعيدةٍ وواسعة، وتحت شمسٍ لا ترحم، كانت تنمو وردة جميلة بلونها الورديّ الزاهي، وكانت تفوح منها رائحة عطرة تنجذب إليها الفراشات من بعيد.
كانت الوردة تعلم جيداً كم هي جميلة. كانت تنظر كل صباح إلى انعكاسها على قطرات الندى الصغيرة وتبتسم بغرور، قائلةً لنفسها: «كم أنا رائعة! لا شك أنني أجمل ما في هذه الصحراء!». لكن بجانبها، كان هناك صبّار صامت، أخضر اللون، تغطيه الأشواك من كل جانب، لا يلفت النظر ولا تفوح منه رائحة، فقط يقف بصمتٍ في مكانه.
كل يوم، كانت الوردة لا تفوّت فرصةً للسخرية منه. قالت له مرة: «ألا تشعر بالخجل من مظهرك؟ أنت قبيحٌ جداً! لا أوراق، لا عطر، لا شيء يجذب، فقط أشواك!».كان الصبّار لا يرد، فقط يهزّ أطرافه قليلاً مع الريح وكأنه لم يسمع شيئاً. مرت الأيام، وكانت النباتات المجاورة، مثل النعناع البري ونبات الخزامى، تحاول تهدئة الوردة. قال لها الخزامى ذات مساء: «الجمال ليس فقط في المظهر، فالصبّار يحمل في داخله الكثير مما لا تراه العين». لكن الوردة كانت تضحك بازدراء، وترد قائلة: «أنتم فقط تغارون من جمالي!».
وفي يومٍ من أيام الصيف اللاهبة، تغيّر كل شيء.
هبّت رياح ساخنة، وتوقفت الأمطار تماماً، وجفّت منابع المياه. بدأت النباتات واحدة تلو الأخرى بالذبول، وتوقفت الفراشات عن القدوم، حتى الطيور قلّ صوتها في السماء.
الوردة، التي كانت دائماً متفتحة، بدأت بتلاتها تنكمش، وفقدت لونها الوردي شيئاً فشيئاً حتى صارت باهتة. لم تعد قادرة على الوقوف مستقيمة، فانحنت بتلاتها وكأنها تبكي. في تلك اللحظة، نظرت الوردة حولها، علّها تجد قطرة ماء واحدة تنقذها. وفجأة، رأت مشهداً غريباً: عصفور صغير يقف فوق الصبّار، ويغمس منقاره في جزء صغير منه ليشرب الماء!
فتحت الوردة عينيها بدهشة: «هل يحتفظ الصبّار بالماء بداخله؟!».
ترددت، لكنها كانت في حاجة ماسة للماء. وبصوت ضعيف، وبعيون خجلة، قالت: «أيها الصبّار… أنا آسفة لما قلته في الماضي. هل… هل يمكنني أن أشرب بعض الماء؟». ابتسم الصبّار بصمت، وكأنه لم يحمل أي ضغينة في قلبه، وقال: “بالطبع. خذي ما تحتاجين، وسأشاركك الماء طوال هذا الصيف».
اندهشت الوردة من لطفه، وتساءلت: «كيف يمكن لمن أهين مراراً أن يكون بهذه الطيبة؟». ومع مرور الأيام، كانت الوردة تحصل على كميات صغيرة من الماء من الصبّار، تكفيها للبقاء على قيد الحياة. ومع كل يوم، كانت تشعر بالخجل أكثر من نفسها، وتبدأ في فهم معنى الجمال الحقيقي. وعندما انتهى الصيف، وعادت الحياة إلى الصحراء، تغيّرت الوردة. لم تعد تتباهى بجمالها، بل أصبحت أكثر تواضعاً. وصارت تقول لكل زهرة تمر بها: «الجمال الحقيقي هو ما نحمله في قلوبنا، لا ما نراه في المرايا».
💡 العبرة من قصة “الوردة المتباهية”: لا تُقاس قيمة الكائنات بجمالها الخارجي، بل بما تُقدّمه من خير للآخرين.
كما نتعلّم القصة أن:
- الغرور بالمظهر قد يُعمي صاحبه عن رؤية الجمال الحقيقي في من حوله.
– فالوردة سخرت من الصبّار فقط لأنه “قبيح” في نظرها، دون أن تدرك ما يملكه من خير وعطاء. - الطيبة والكرم هما ما يجعل المرء جميلاً حقاً.
– عندما احتاجت الوردة للماء، لم يتردد الصبّار في مساعدتها رغم الإهانات التي تلقّاها. - لا نحكم على الآخرين من المظاهر، بل من أفعالهم ونواياهم.
– الصبّار، رغم شكله الجاف، كان مخزناً للحياة والرحمة.