هل يمكنك أن تتخيل السفر حول العالم كله… في أقل من ثلاثة أشهر؟ 🌍✈️
في مدينة لندن القديمة، كان هناك رجل هادئ وذكي جداً اسمه “جون”، قرر أن يخوض تحدياً غريباً: أن يدور حول الكرة الأرضية خلال 80 يوماً فقط! بدأت رحلته من بلده، مروراً بالبلدان والمدن الغريبة، عبر البحار والقطارات، لكنه لم يكن وحده في الرحلة… هناك من يتبعه خطوة بخطوة! هل سينجح “جون” في الفوز بالتحدي؟ وهل سيتغلب على كل العقبات التي ستواجهه؟ لننطلق معاً في مغامرة مذهلة مليئة بالمفاجآت، من بلد إلى بلد، ومن قارة إلى أخرى!…
كان هناك نقاش حادّ في أحد الأندية في إنجلترا بين مجموعة من الرجال حول تحدي “جون” على أنه يمكنه السفر حول العالم في ثمانين يوماً. قال له “جوزيف”: «مستحيل، لا يمكنك السفر إلى كل قارة في ثمانين يوماً». أجابه “جون”: «سأتحداكم، والفائز يكسب نقوداً بقيمة عشرين ألف جنيه». وكان واثقاً من نفسه جداً، حيث أجرى حسابات دقيقة باستخدام خريطة العالم، وقرّر أن ثمانين يوماً كافية للسفر حول العالم، وتم نشر التحدي في جميع الصحف في إنجلترا وحولها، وفي هذه الأوقات حدثت عملية سطو كبيرة على متجر ألماس، وتطابق وجه “جون” مع وصف الرجل المطلوب بتهمة السطو، وحينها عيّنت الشرطة رجلاً واسمه “فيكس” ليتبع “جون”.
حزم “جون” مع مساعده الشخصي حقائبهم لبدء رحلتهم، وكانت المحطة الأولى من لندن إلى السويس، سبعة أيام بالسكك الحديدية والباخرة، ومن هناك أبحروا إلى بومباي بواسطة باخرة في رحلة مدتها ثلاثة عشر يوماً، وقد صادف “جون” أثناء ذلك “فيكس” وجهاً لوجه، وسأله: «ألم تكن على متن الباخرة إلى السويس؟». أجابه “فيكس” بصعوبة: «نعم».
بمجرد وصولهم إلى بومباي، قام “جون” مع مساعده الشخصي بتسجيل الوصول إلى أحد الفنادق، وكان “فيكس” خلفهم مباشرةً، وهناك تم إبلاغ موت الملك، وأن الملكة سوف يتم قتلها. وفي غضون ذلك ذهب “جون” مع مساعده الشخصي لإنقاذ الملكة ووصلوا في الوقت المناسب، حيث أنقذا الملكة من عملية القتل وأعادوها إلى الفندق، ولاحظ “جون” أن الملكة جميلة جداً ووقع في حبها وعرض عليها الزواج، فوافقت وتزوجا على الفور، وأخبر “جون” عروسته الملكة بقصة التحدي، وقال لها: «سيتعيّن علينا مغادرة بومباي والانتقال إلى “كلكتا” ومن هناك إلى هونغ كونغ، وستكون الرحلة مدتها ستة عشر يوماً».
وصلوا إلى هونغ كونغ، وتبعهم عن كثب “فيكس”، فلاحظ “جون” أنه يلاحقهم إلى كل مكان ذهبوا إليه، ولكنه تجاهل الأمر، ثم غادروا هونغ كونغ وتوجهوا إلى اليابان ومن اليابان إلى سان فرانسيسكو، وكانت مدة الرحلة ثمانية وعشرين يوماً، وكان “فيكس” يلاحق “جون” في كل خطوة، في الطرق البرية والبحرية والسكك الحديدية، وكان قد تعب حقاً من هذه الرحلة الطويلة ومن مكان إلى آخر.
رأى “جون” في سان فرانسيسكو “فيكس” مرة أخرى خلفه، وانتظر حتى مرّ بجانبه وسأله: «ما هي لعبتك يا سيدي؟ لقد كنت تتبعني من لندن على طول الطريق إلى السويس إلى بومباي، والآن هنا». وكان “فيكس” عاجزاً عن الكلام، وأجابه: «أنا.. أنا.. إنها مجرد صدفة فقط لا غير».
كان “جون” الآن في طريقه إلى نيويورك ثم إلى وجهته النهائية لندن، وكانت مدة الرحلة ستة عشر يوماً أخرى، مرّت الرحلة إلى نيويورك ولندن دون عوائق، باستثناء الحضور المزعج لـ “فيكس” الذي بذل قصارى جهده كي لا تتم رؤيته. وكان كل شيء على ما يرام حتى أدرك “جون” أنه لم يأخذ المناطق الزمنية المختلفة في عين الاعتبار، وقد صُدم عندما أدرك أنه سيتأخر يوماً واحداً، حيث كان من المفترض أن يصل إلى لندن صباح يوم الأحد ويفوز بالتحدي، ولكنه الآن سيصل يوم الاثنين.
مشى “جون” إلى المنزل حزيناً واستلقى على سريره وفجأةً لاحظ تغيير في تاريخ التقويم، ونادى إلى مساعده الشخصي وقال له: «هل أنت من غيّرت التقويم … ماهو اليوم؟». ثم أجابه مساعده الشخصي: «إنه يوم السبت، لقد فزت بالتحدي، كنت سأخبرك لكنك تبدو محبطاً للغاية لسبب ما». ابتهج “جون” وركض ليخبر أصدقاءه أنه قد فاز بالفعل، أما بالنسبة إلى “فيكس” تم إخباره أنه تم القبض على اللص في نفس اليوم الذي بدأ فيه مسار رحلة “جون”.
💡 العبرة من قصة “حول العالم في ثمانين يوماً – Around the World in Eighty Days“: العزيمة، التخطيط الذكي، والثقة بالنفس يمكن أن تجعل المستحيل ممكناً، حتى في وجه الشك والظروف الصعبة.
ما تُعلّمنا إياه القصة:
- الإصرار أساس النجاح: رغم التحديات والسفر من قارة لأخرى، لم يستسلم “جون” بل واصل طريقه بثقة.
- التخطيط مهم، لكن المرونة والذكاء أهم: استخدم “جون” خريطة دقيقة، لكنه أيضًا تعامل بذكاء مع الأحداث الطارئة (كإنقاذ الملكة، والتأخر المفاجئ، وتعديل الجدول الزمني).
- الحكم على الناس قد يكون خاطئاً: ظنّ الجميع أن “جون” هو السارق، لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً.
- الخير يعود إلى صاحبه:”جون” لم يتردد في إنقاذ الملكة، وبالمقابل حصل على حبها ورافقته في رحلته، مما أضفى معنى إنسانياً على المغامرة.
- الزمن مهم، لكن فهمه أهم: الفارق في المناطق الزمنية أنقذ “جون” في النهاية، وهو تذكير ذكي بأهمية الوعي بالتفاصيل الصغيرة التي قد تُحدث فرقاً كبيراً.
قصة “جون” – المقتبسة من رواية جول فيرن Jules Verne الشهيرة – ليست مجرد مغامرة جغرافية، بل رحلة مليئة بالدروس العميقة