الإفراط في التفكير مرهق …
عندما تفرط في التفكير، تدور الأفكار حول رأسك وتجد نفسك عالقاً في الاتجاه المعاكس، وغير قادر على المضي قدماً، كما تبدأ في الخروج بأفكار غريبة تتعارض تماماً مع بعضها البعض. حيث تتحول عبارة (أنا متحمس جداً لمقابلة العمل هذه) إلى (أتساءل عما إذا كانوا قد أحبوني)، ثم تتحول إلى (أوه ، أنا غبي جداً! ما كان يجب أن أقول ذلك! بالتأكيد لن أحصل على فرصة للعمل). ثم تبدأ في لوم نفسك على أشياء لم تفعلها والقلق بشأن السيناريوهات التي قد تحدث أو لا تحدث، حيث أن الإفراط في التفكير هو ببساطة فعل التفكير في شيء أكثر من اللازم أو لفترة طويلة جداً.
أعرف هذا الشعور، فإنه يستنزف الطاقة وفي الواقع أظهرت الدراسات أن الإفراط في التفكير يرفع مستويات التوتر لديك ويقلل من إبداعك ويغيم حكمك ويجردك من قوتك في اتخاذ القرارات. لحسن الحظ، هناك عدة طرق للتعامل مع التفكير الزائد، ولكن هذا لا يحدث ذلك بين عشية وضحاها بل سيستغرق تطوير بعضها وقتاً ويمكن تنفيذ البعض الآخر على الفور، وكل منهم يتطلب عملاً واعياً من جانبك.
8 خطوات لمساعدتك على التوقف عن التفكير الزائد
✅ تغيير القصة التي ترويها لنفسك
كنت دائماً أقول بصوت عالٍ: «لا يمكنني أن أكون في الوقت المحدد أبداً، أنا لست شخصاً يحب الصباح، لا يمكنني الالتزام بأي شيء» حسناً خمّن ماذا؟ لم أكن في موعد الاجتماعات أبداً، وكنت دائماً غاضباً في الصباح ولم أستطع الالتزام بأي شيء، وظيفة أو علاقة أو مشروع جانبي. ولأننا القصص التي نرويها لأنفسنا، فما تقوله لنفسك مراراً وتكراراً وكيف تصف نفسك بشكل متكرر هو ما تؤمن به وتصبحه، فكل ما نقوم به ونختبره ينبع من هويتنا ومجموعة معتقداتنا الأساسية.
السؤال إذاً، هل القصة التي ترويها لنفسك تزيدك قوة أو تعيقك؟ أفكار مثل (أنا مفرط في التفكير / أنا قلق دائماً لأن لدي الكثير مما يدور في ذهني / أنا لست جيداً حقاً في اتخاذ القرارات وأنا أفكر في كل شيء) تسبب لك ضرراً أكثر مما تنفع.
إذا كانت هذه هي القصة التي ترويها لنفسك، فعليك التوقف فوراً لأنها تجردك من قوتك. فبدلاً من ذلك، قم بما يلي: استبدل هذه الروايات السلبية فوراً بأفكار إيجابية: «أنا مسؤول عن مشاعري / أنا أفكر بوضوح / أنا صانع قرار» هذه هي الطريقة التي تغير بها إدراكك لذاتك وتبدأ في استعادة قوتك.
✅ اترك الماضي
غالباً ما يفكر المُفرطون في التفكير في الماضي، وعندما يفعلون ذلك، فإنهم يبذلون طاقتهم في (ماذا لو / أتمنى / يجب أن أمتلك) … لكن هذه الطاقة تزيلهم من اللحظة الحالية. لا يمكن تغيير الماضي ولكن يمكنك تغيير الدروس والمعاني ووجهات النظر التي تستخلصها منه، وعندما تتقبّل الماضي كما كان، فإنك تحرّر نفسك من ثقله، وستحرر عقلك بعد ذلك من أعباء الماضي أو أخطاءه أو ضغائنه التي تمنعك من اتخاذ إجراء في الوقت الحاضر. تعلم أن التخلي عن الماضي هو شيء يجب أن نعمل عليه باستمرار لأنه من السهل جداً العودة إلى عادة اجترار الأفكار، فهذا ضروري لأنه يزيل الحيز الذهني الذي كان يشغله الإفراط في التفكير.
✅ أوقف أفكارك في لحظة التفكير الزائد وتدرب على الحاضر
في خضم الإفراط في التفكير، توقف وقل: «لا، لن يكون لدي هذه الأفكار الآن، لن أستسلم»
اجذب انتباهك إلى حيث أنت هنا والآن، تنفس … ركز … أين أنت؟ ما هو شعورك؟ ماذا يدور بعقلك؟ ما الذي يضغط عليك؟. افتح دفتر يومياتك واكتب أفكارك، حيث تظهر الأبحاث أن عادة كتابة ما نشعر به يساعدنا في التفكير وراء المعرفة، والذي هو (الوعي والفهم لعمليات التفكير الخاصة بالفرد) أو بعبارات أبسط إنه (وعينا بأفكارنا)، لهذا السبب تصبح أكثر وعياً بأفكارك وما يحاولون إخبارك به عند كتابتها.
الهدف هو أن تصبح أكثر وعياً وتزيل نفسك من كيان أفكارك، فأنت تريد مراقبة أفكارك حتى تتمكن من فهم ماهيتها ولماذا تشعر بها.
التواجد في الحاضر ليس بالأمر السهل، بل يتطلب الممارسة ولكن كلما لاحظت أن عقلك يفكر في الماضي أو يتجول في المستقبل، حاول أن تعيده إلى هذه اللحظة وفكّر: (الماضي لا يهم، والمستقبل بعيد المنال، كلّ ما لدي هو هذه اللحظة الحالية، لذلك سأتوقف عن التفكير في الماضي أو الحاضر، سأفكر فقط هنا والآن).
تساعدك اليوميات أو التأمل أو كتابة سطر واحد في اليوم على الاحتفاظ بالسيطرة على عقلك حتى تتمكّن من البقاء في الحاضر وممارسة العيش في الوقت الحالي، كما أنها تقلل التوتر وتحسن التركيز وتزيد من الوعي الذاتي. ستكون هذه الممارسة صعبة في البداية، ولكن كما هو الحال مع أي شيء في الوقت المناسب ستبدأ في تغيير حياتك.
✅ التركيز على ما يمكنك التحكم فيه
تقول الكاتبة إيمي مورين: «عندما تجد نفسك قلقاً، خذ دقيقة لفحص الأشياء التي تتحكم فيها»
أولاً اعترف بما يدور في ذهنك، ثانياً خذ خطوة إلى الوراء ووسّع منظورك، واسأل نفسك: (ما الذي يمكنني التحكم فيه؟)، فالتركيز على ما في وسعنا يزيد من قوتنا ويعززها، وإذا كنت تعاني من الناحية المالية وتفكر ملياً في كيفية دفع الفواتير فهذا لن يساعدك، بل النظر إلى نفقاتك والتفكير بـــ (ما الذي يمكنني اقتطاعه أو حذفه من فواتيري؟) ثم اسأل (ما هي مصادر الدخل الأخرى التي يمكنني إنشاؤها؟)، هذه هي الطريقة التي تحوّل انتباهك من ما لا يمكنك التحكم فيه إلى ماذا يمكنك.
✅ تحديد مخاوفك
في كثير من الأحيان تكون المخاوف غير المنطقية التي تنشأ في أذهاننا هي التي تؤدي إلى الإفراط في التفكير. فنحن نخشى ما قد يعتقده الآخرون، ونخشى ارتكاب خطأ وألا نكون جيدين بما يكفي لتحقيق النجاح، والعيش في هذا الخوف سوف يسقطنا في بئر من التردد.
قال رومان ستويك والفيلسوف سينيكا: «نحن نعاني في الخيال أكثر مما نعاني في الواقع».
الخوف الذي غالباً ما ينبع من تخيل “ما يمكن أن يكون” يساهم في إفراطك في التفكير، وواحدة من أفضل الاستراتيجيات للتغلب على الخوف هي ببساطة اتخاذ إجراء، حيث يجب اتخاذ خطوة صغيرة في اتجاه خوفك وشاهد ما سيحدث. اللحظة التي تتخذ فيها إجراءً هي اللحظة التي تكسب فيها معركة مع تفكيرك الزائد، كما كتب نابليون هيل مؤلف كتاب Think And Grow Rich: «يمكن علاج الخوف بشكل فعال من خلال التكرار القسري لأعمال الشجاعة»، عندما أكون غارق في التردد، عادةً ما أسأل نفسي: (ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟)، وعندما اكتشفت ماذا سيكون ذلك، أمضيت بعض الوقت أفكر في خطة طوارئ، فهذا يمنحني الثقة لاتخاذ الإجراء الذي أحتاجه وألاحظ الخوف منه.
✅ اكتب الحلول وليس المشاكل
للتوقف عن الإفراط في التفكير يجب أن تعالج المشاكل المطروحة، فعندما تشعر بالإرهاق خذ بعض الوقت لكتابة كل أفكارك في رأسك، ولكن بعد ذلك حول انتباهك إلى الحلول، وامنح قوتك وطاقتك للحلول. هل عملك يسبب لك التوتر؟ حسناً جيد .. الآن ما هي التغييرات التي يمكنك إجراؤها لتقليلها؟ هل الركود في حياتك يسبب لك القلق؟ حسناً جيد .. ما هي الخطوات التي يمكنك اتخاذها للحصول على مزيد من الوضوح بشأن الأهداف التي تحتاج إلى متابعتها؟
أن تكون منفتحاً وصادقاً بشأن أفكارك ومشاركتها مع شخص تثق به يمكن أن يقدم منظوراً جديداً خارج الصندوق، وفي بعض الأحيان نحتاج فقط إلى “التنفيس”، لكن لا تجعل هذا الأمر اعتيادياً للهروب. تعلّم كيفية إدارة وتنظيم عواطفك وأفكارك وعقلك حيث يمكنك بناء القوة العقلية لذلك، وأخرج أفكارك من رأسك حتى تتمكن من زيادة وعيك بها ومراقبتها، ثم حول انتباهك إلى الحلول التي يمكنك إنشاؤها لتخفيفها.
✅ اتخذ القرار لتصبح شخصية فاعلة
يوجد فكرتان هنا: اتخاذ القرار واتخاذ الإجراءات
أحد تحديات الإفراط في التفكير هو أنك تضيع في السيرك داخل رأسك مما يقودك بعد ذلك إلى التردد، وهذا هو أسوأ مكان تتواجد فيه لأنه إذا علقت في نفس المكان والدوران في دائرة أفكارك، فإن فكرة التقدم إلى الأمام تهرب منك.
ما عليك القيام به هو التدرب على اتخاذ القرارات والالتزام بها:
أشر السهم واسحب الزناد، وافعل هذا لأصغر القرارات
شوكولاتة أم فانيليا؟ 3–2–1 اختر! اطلب العشاء أو اطهيه 3–2–1 اختر!
من خلال ممارسة أن تكون حاسماً، تصبح تلقائياً شخصاً عملياً، لأن الفعل ينبع من قرار والأخير يأتي منك.
✅ تحكم في توترك
كشفت دراسة نشرت عام 2008 في مجلة Psychological Science أن الدماغ يصبح أكثر هدوءاً ووضوحاً بعد أن يقضي الشخص وقتاً في مكان هادئ قريب من الطبيعة، كما أشارت أبحاث أخرى أيضاً إلى أن المشي في المساحات الخضراء يضع الدماغ في حالة تأمل، وحتى المشي لمدة 5 دقائق في الحديقة يمكن أن يكون له تأثير فوري مهدئ على العقل.
كلما شعرت بالإرهاق من الأفكار، يمكن أن يساعدك أحد هذه الأشياء الثلاثة على تصفية ذهنك:
- نزهة في الطبيعة أو حديقة قريبة.
- ممارسة الرياضة: ثبت علمياً أنه معزز سريع للمزاج ومخفف للتوتر، ويساعدك على التفكير بوضوح.
- ابتعد عن جميع الأجهزة الرقمية لبضع ساعات.
- غالباً ما يكون الصمت والعزلة هما المفتاحان.
- تعلم كيفية إدارة التوتر الخاص بك بدلاً من جعله يديرك.