علم إستونيا: الألوان التي تحكي قصة من النضال والحرية عبر العصور

يُعتبر علم إستونيا أكثر من مجرد راية وطنية، بل هو تعبير بصري عن هوية شعب، وتاريخ طويل من التحديات والنضال من أجل الاستقلال. يتكون العلم من ثلاثة أشرطة أفقية متساوية الحجم، بالألوان التالية من الأعلى إلى الأسفل: الأزرق، والأسود، والأبيض، وكل لون يحمل في طياته رمزية خاصة مرتبطة بالطبيعة، والثقافة، والنضال الوطني.

رمزية الألوان في علم إستونيا

  • الأزرق: يرمز إلى السماء الصافية الواسعة التي تظلل إستونيا، كما يمثل بحر البلطيق الذي يحيط بها والأنهار والبحيرات العذبة التي تنتشر في أراضيها. لكنه أيضاً يعكس الحرية والأمل في مستقبل مشرق.
  • الأسود: يشير إلى تربة إستونيا الخصبة، والغابات الكثيفة التي تغطي مساحات شاسعة من البلاد. كما يحمل هذا اللون دلالة على الفترات المظلمة في التاريخ، خاصة تلك التي عاشها الشعب تحت الاحتلالات الأجنبية.
  • الأبيض: يرمز إلى ثلوج الشتاء النقية التي تُغطي الأرض، ويمثل كذلك النقاء، والعدالة، والسلام الداخلي، وهو لون يعكس تطلع الأمة إلى مستقبل مشرق وسلمي.
المدينة القديمة في تالين (Tallinn)، عاصمة إستونيا
المدينة القديمة في تالين (Tallinn)، عاصمة إستونيا

من جمعية طلابية إلى راية وطنية: تاريخ العلم الإستوني

كانت بدايات العلم متواضعة ولكن ذات أثر كبير، فقد رُفع لأول مرة في 4 يونيو/حزيران 1884 من قبل جمعية طلابية تُدعى “Vironia” في مدينة تارتو، وكان ذلك في وقت كانت فيه إستونيا تحت الحكم الروسي. ومع تصاعد الشعور القومي في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ العلم يكتسب شعبية كرمز للهوية الوطنية، حتى أصبح جزءًا من حركة التحرر الوطني. لكن، مع الاحتلال السوفيتي في 1940، تم حظر استخدام العلم رسميًا، واعتُبر رمزاً “معادياً” للنظام. ورغم ذلك، استمر الإستونيون في رفع العلم سراً، ليصبح شعاراً للمقاومة والصمود في وجه القمع.

عودة العلم إلى السماء: الاستقلال واستعادة السيادة

مع بدء سياسة الانفتاح (الغلاسنوست) والإصلاح (البيريسترويكا) في الاتحاد السوفيتي في أواخر الثمانينيات، عادت الشعوب المضطهدة تطالب بحقوقها. وفي عام 1988، ومع تنامي الحراك الشعبي، أعيد رفع العلم مجددًا في العلن، كإعلان لعودة الهوية الوطنية.

ثم في 20 أغسطس/آب 1991، أعلنت إستونيا استقلالها الكامل عن الاتحاد السوفيتي، وأُعيد اعتماد العلم رسمياً كرمز للدولة المستقلة. وفي العصر الحديث، أصبح علم إستونيا رمزاً حاضراً بقوة في المناسبات الوطنية، الاحتفالات، والفعاليات الرياضية والثقافية. والآن يرفرف العلم في كل مكان، من الساحات العامة إلى نوافذ البيوت، ويحظى بمكانة خاصة في وجدان كل إستوني، بوصفه علامة على الحرية، والوحدة، والفخر الجماعي.

 

المصدر 1

المصدر 2 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *