في 22 مايو/أيار من عام 1990، لم يكن اعتماد العلم الوطني لليمن مجرد خطوة بروتوكولية، بل كان لحظة فارقة في تاريخ البلاد، تُجسد نهاية انقسامٍ دام لعقود، وبداية عهد جديد بعد توحيد الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) في كيان واحد تحت راية واحدة. ومنذ ذلك اليوم، أصبح العلم الوطني رمزاً للوحدة والسيادة، وصوتاً مرئياً لهوية الشعب اليمني.
تصميم علم اليمن وألوانه
يتكوّن علم الجمهورية اليمنية من ثلاثة أشرطة أفقية متساوية الحجم، مرتّبة من الأعلى إلى الأسفل كما يلي: الأحمر في الأعلى، الأبيض في المنتصف، الأسود في الأسفل
ويُعد هذا التصميم جزءاً من ما يُعرف بـ “الألوان البان-عربية”، وهي مجموعة ألوان (الأحمر، الأبيض، الأسود، والأخضر) استخدمتها العديد من الدول العربية في أعلامها، تعبيراً عن وحدة الثقافة والنضال العربي، حيث تعود جذورها إلى الثورة العربية الكبرى في بدايات القرن العشرين، وبلغت ذروتها في علم التحرير العربي الذي ظهر عقب ثورة 23 يوليو/ تموز 1952 في مصر.
معاني الألوان في العلم اليمني
كل لون في العلم اليمني يحمل دلالة عميقة، تمثل مراحل من التاريخ ونقاط تحول في مسيرة الشعب:
-
الأحمر: يرمز إلى الدماء الزكية للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الحرية، والسيادة، وتحقيق الوحدة، كما يُجسد روح النضال والعزيمة التي يتمتع بها اليمنيون.
-
الأبيض: يُعبّر عن الأمل والتفاؤل بمستقبل مشرق، ويعكس الطموحات الوطنية لبناء مجتمع يسوده السلام والازدهار.
-
الأسود: يرمز إلى المعاناة والحقب المظلمة التي مرت بها البلاد، بما فيها من حروب، انقسامات، واستعمار، لكنه يحمل في الوقت نفسه رسالة الانتصار على تلك الأزمات.
محطات من تاريخ أعلام اليمن قبل الوحدة
قبل العام 1990، كانت اليمن منقسمة إلى دولتين مستقلتين، لكل منهما علمها الخاص، يعكس ظروفها السياسية والتحالفات الدولية آنذاك:
علم اليمن الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية):
-
بعد التحرر من الحكم العثماني عام 1918، رُفع علم المملكة المتوكلية اليمنية، والذي كان أحمراً بالكامل.
-
وفي عام 1962، ومع قيام الثورة الجمهورية، تم اعتماد علم جديد مستوحى من علم التحرير العربي، مع نجمة خضراء في منتصف الشريط الأبيض.
علم اليمن الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية):
-
بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1967، تم تبني علم بثلاثة أشرطة (أحمر، أبيض، أسود)، وعلى جهة السارية مثلث أزرق فاتح بداخله نجمة حمراء خماسية، كرمز للاشتراكية والتحالفات الثورية في تلك الفترة.

الوحدة… وتوحيد العلم
عند إعلان الوحدة اليمنية عام 1990، أُجريت مفاوضات دقيقة لاختيار رمز جامع للدولة الموحدة. فجاء القرار بإزالة جميع الرموز الإضافية التي كانت موجودة في أعلام الشمال والجنوب، والاعتماد على الشكل البسيط والنقي للألوان الثلاثة العربية—علم يعكس التوافق الوطني، والبداية الجديدة، ويتحدث باسم كل يمني دون تفرقة.
العلم اليمني ضمن أعلام التحرير العربي
العلم اليمني لم يُستوحَ فقط من ثورة اليمنيين، بل هو أيضًا جزء من رمزية أوسع تشمل عدة دول عربية تبنّت الألوان نفسها في أعلامها، مثل: مصر، العراق، سوريا، السودان، وتُعرف هذه المجموعة باسم أعلام التحرير العربي، تعبيراً عن الرغبة المشتركة في التحرر، الوحدة، والمصير المشترك بين الشعوب العربية.
مكانة العلم في الحياة اليمنية
اليوم، يُرفع العلم اليمني في كل مكان:
-
على المؤسسات الرسمية والحكومية
-
في المدارس والساحات العامة
-
خلال الأعياد الوطنية مثل عيد الوحدة (22 مايو/ أيار) وعيد الاستقلال (30 نوفمبر تشرين الثاني)
-
وفي المحافل الدولية، حيث يمثل تطلعات الشعب اليمني نحو السلام، الاستقرار، والكرامة الوطنية.