في سنوات الطفولة المبكرة، يصبح الخيال نافذة سحرية يطل منها الأطفال على عالم خاص بهم، مليء بالمغامرات والرفاق الذين لا يراهم سواهم. من عمر 3 إلى 8 سنوات، قد يظهر لدى طفلك صديق خيالي يرافقه في ألعابه، يتحدث معه، ويشاركه أسراره.
قد يبدو الأمر غريباً أو مقلقاً في البداية، لكنه في الحقيقة جزء طبيعي وصحي من نمو الطفل العقلي والعاطفي، حيث يُظهر تطورًا في الإبداع والتعبير عن المشاعر. في هذا المقال، نتعرّف على مفهوم الأصدقاء الخياليين، أسباب ظهورهم، فوائدهم في تنمية مهارات الطفل، ومتى يمكن أن يكون وجودهم مؤشراً لمشكلة تستدعي الانتباه.
ما هم الأصدقاء الخياليون؟
الأصدقاء الخياليون هم أصدقاء يبتكرهم الأطفال في خيالهم. يمكن أن يأتي هؤلاء الأصدقاء بأشكال وأحجام مختلفة. قد يكونون مستندين إلى شخص يعرفه طفلك بالفعل، أو شخصية من قصة، أو حتى لعبة ناعمة. في بعض الأحيان، يكونون ناتجين فقط عن خيال طفلك. وغالباً ما يكونون بشريين، لكن يمكن أن يكونوا أيضاً حيوانات. ربما يكون هؤلاء الأصدقاء دائمين أو يظهرون ويختفون. يمكن أن يتواجدوا في أماكن معينة مثل “منزل اللعب” أو على طاولة المطبخ، وقد يظهرون ويختفون دون سبب واضح.
متى يظهر الأصدقاء الخياليون وكم من الوقت يدومون؟
يمكن للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 – 5 سنة أن يكون لديهم أصدقاء خياليون. قد يكون لدى الأطفال صديق خيالي واحد أو أكثر. عادةً ما يتوقف الأطفال عن اللعب مع الأصدقاء الخياليون عندما يكونون مستعدين للمضي قدماً. من المحتمل أن يكون الأصدقاء الخياليون موجودين لعدة أشهر، لكنهم قد يكونون جزءاً من حياة طفلك لعدة سنوات.
لماذا يمتلك الأطفال أصدقاء خياليين؟
يمكن أن يكون صديق طفلك الخيالي شخصاً:
🔹 يؤنس طفلك: يبقيه في الصحبة
🔹 يلعب مع طفلك: يشاركه في الأنشطة
🔹 يستمع إلى طفلك ويدعمه: يكون موجوداً للاستماع والمساعدة
🔹 يقبل طفلك كما هو: دون الحكم أو التقييم
🔹 يمكنه القيام بأشياء لا يستطيعها طفلك: مثل الطيران أو السحر
🔹 خاص وينتمي فقط لطفلك: يشكل جانباً فريداً من حياة طفلك
يمتلك طفلك السيطرة على ما يقوله الصديق الخيالي، وما يفعله، ومع من يمكن أن “يلعب”. قد تكون هذه السيطرة جزءاً من جاذبية الصديق. كما قد يتيح الأصدقاء الخياليون للأطفال استكشاف عالم خيالي يخلقونه بأنفسهم. في الواقع، قد يكون الأطفال الذين لديهم أصدقاء خياليون أكثر خيالاً ومن المرجح أن يستمتعوا بلعب الخيال والقصص السحرية.
أيضاً يمكن أن تخبرك طريقة لعب الأطفال أو حديثهم عن أصدقائهم بالكثير عن مشاعرهم. يمنحك الأصدقاء الخياليون نظرة على العالم الداخلي لطفلك وأذواقه واهتماماته. إلى جانب ذلك، الأطفال الذين لديهم أصدقاء خياليون قد يكونون أكثر اجتماعية وأقل خجلاً من الأطفال الآخرين، وقد يظهرون تعاطفاً أكبر في لعبهم مع الآخرين.
مشاكل الأصدقاء الخياليون
إليك بعض الأفكار عندما يصبح صديق طفلك الخيالي صعب التحمل:
🔹 القيام بأشياء لأجل الأصدقاء الخياليين
قد تجد أنك تُطلب منك فتح الأبواب، أو تحضير الوجبات الخفيفة، أو ترتيب السرير من أجل صديق طفلك الخيالي. بدلاً من القيام بذلك بنفسك، شجع طفلك على فتح الباب، أو وضع مكان لصديقه على مائدة العشاء، أو ترتيب السرير. بهذه الطريقة، أنت تقبل وجود الصديق الخيالي، لكنك أيضًا تأخذ الفرصة لتطوير مهارات طفلك.
🔹 التحدث عبر الأصدقاء الخياليين
بعض الأطفال يصرون على التشاور مع أصدقائهم الخياليين طوال الوقت – على سبيل المثال، “عليّ أن أسأل سامي أولاً”. قد يطلبون منك أيضاً التحدث إلى صديقهم، بدلاً من التحدث إليهم مباشرة. إذا وجدت أن هذا محبط، حاول أن تقول لطفلك: “أريد أن أسمع رأيك – وليس ما يفكر فيه سامي”.
🔹 إلقاء اللوم على الأصدقاء الخياليين
في بعض الأحيان، يقوم الأطفال بفعل أو قول شيء لا ينبغي عليهم فعله ويلقون باللوم على أصدقائهم الخياليين. يمكنك التعامل مع هذا من خلال إخبار طفلك بوضوح أن الصديق الخيالي لم يكن بإمكانه القيام بذلك. ثم تابع بعاقبة مناسبة، مثل أن يطلب من طفلك تنظيف الفوضى.
متى تقلق بشأن الأصدقاء الخياليين؟
بالنسبة لعدد قليل جداً من الأطفال، يمكن أن تكون الأصدقاء الخياليون عرضة لمشكلات أخرى. إذا كنت قلقاً بشأن صديق طفلك الخيالي – على سبيل المثال، إذا مر طفلك بحدث صادم أو كان الصديق الخيالي خبيثاً أو سيئ النية – استشر طبيبك أو محترف صحة آخر.
وجود صديق خيالي في حياة طفلك ليس سبباً للقلق، بل هو تعبير جميل عن قدرته على الإبداع والتواصل مع مشاعره الداخلية. هؤلاء الأصدقاء قد يساعدون طفلك في التعامل مع القلق، أو تجاوز التحديات اليومية، أو ببساطة يمنحونه فرصة للعب الحر والتعبير عن الذات.
لكن، وكما هو الحال مع كل سلوك في الطفولة، من المهم مراقبة التوازن. فإذا بدأ الصديق الخيالي يهيمن على حياة طفلك، أو كان مرتبطًا بتجربة سلبية أو مشاعر مقلقة، فقد يكون من المفيد استشارة مختص نفسي للأطفال.
وفي النهاية، تذكّر أن خيال طفلك هو مساحة للنمو والاكتشاف، ودورك هو المرافقة، الفهم، والدعم دون الحكم أو القلق المفرط.