استراتيجية إزالة الانتباه لتعديل سلوك الأطفال من عمر 1 إلى 12 سنة بفعالية وهدوء

استراتيجية إزالة الانتباه لتعديل سلوك الأطفال من عمر 1 إلى 12 سنة بفعالية وهدوء

يواجه الأهل يومياً سلوكيات غير مرغوبة من أطفالهم تتراوح بين التذمر والردود غير المهذبة، وقد تبدو هذه التصرفات مزعجة ولكنها شائعة في مراحل النمو. هنا تظهر فاعلية استراتيجية إزالة الانتباه، وهي طريقة تربوية بسيطة وفعّالة تركز على تجاهل السلوك التحدي البسيط ومنح الانتباه فقط عندما يعود الطفل إلى السلوك الإيجابي. حيث تعتمد هذه الاستراتيجية على فهم أن الاهتمام هو مكافأة قوية، وبالتالي يمكن للأهل استخدامها بحكمة لتشجيع السلوك الجيد وتقليل السلوكيات السلبية دون صراخ أو توتر.

إزالة الانتباه: ما هو ومتى يجب استخدامه

إزالة الانتباه هي استراتيجية سلوك إيجابية. يمكن استخدام إزالة الانتباه لتثبيط السلوك التحدي البسيط مثل:

🔹 استخدام لغة غير لائقة

🔹 إصدار أصوات سخيفة

🔹 القيام بتعابير وجه غريبة

🔹 الرد بطريقة غير مهذبة

🔹 الشكوى أو التذمر

تشمل هذه الاستراتيجية تجاهل طفلك أثناء تصرفه بطرق تحدية وإعادة انتباهك إليه بمجرد أن يتوقف عن هذا السلوك. على سبيل المثال، قد تتناول وجبة عائلية ويقوم طفلك بالقفز على كرسيه. يمكنك أن تطلب منه الجلوس بشكل هادئ. إذا لم يستجب، يمكنك تجاهله بعدم مشاركته في الحديث وعدم النظر إليه حتى يتوقف عن القفز. وعندما يتوقف، يمكنك القول: “أحب كيف جلست بهدوء على الكرسي أثناء العشاء. لماذا لا تخبرنا عما فعلته في الحضانة اليوم؟”.

استراتيجية إزالة الانتباه لتعديل سلوك الأطفال من عمر 1 إلى 12 سنة بفعالية وهدوء
استراتيجية إزالة الانتباه لتعديل سلوك الأطفال من عمر 1 إلى 12 سنة بفعالية وهدوء

متى لا تستخدم إزالة الانتباه؟

رغم فاعلية إزالة الانتباه في التعامل مع السلوكيات التحدّية البسيطة، إلا أنها ليست مناسبة للتصرفات التي تُشكل خطراً على الطفل أو من حوله. تشمل هذه السلوكيات: العض، الضرب، رمي الأشياء، الصراخ العنيف، أو أي تصرف بدني قد يُلحق الأذى.

في مثل هذه الحالات، من الأفضل التدخل الفوري بحزم باستخدام استراتيجيات أكثر ملاءمة مثل “الوقت المستقطع” أو “الوقت الهادئ”، التي تمنح الطفل فرصة للتهدئة بعيدًا عن المحفّزات. وقد يبعث تجاهل السلوك العدواني برسالة خاطئة للطفل مفادها أن هذا النوع من السلوك مقبول أو غير مهم. كما أن بعض الأطفال يستخدمون العدوان كوسيلة لجذب الانتباه أو فرض السيطرة، لذا لا بد من رسم حدود واضحة تعزز السلامة والاحترام.

لماذا إزالة الانتباه فعّالة؟

إزالة الانتباه تعتبر من أنجح أدوات تعديل السلوك، لأنها تعتمد على مبدأ بسيط في علم النفس السلوكي: السلوك الذي يتلقى تعزيزاً (انتباهاً) يتكرر، والسلوك الذي يُهمَل يقلّ. بالنسبة للأطفال، انتباه الوالدين يمثل شكلاً من أشكال المكافأة العاطفية. سواء كان هذا الانتباه إيجابياً (كالضحك) أو سلبياً (كالصراخ)، فهو يُحفّز الطفل على تكرار نفس السلوك.

عندما يُدرك الطفل أن السلوك الإيجابي هو ما يجذب تفاعل الأهل، يبدأ تدريجياً بترك السلوكيات المزعجة، خصوصاً إن رأى أن تلك التصرفات لا تُحقق له أي مكسب. لكن يجب الانتباه إلى أن هذه الاستراتيجية تتطلب ثباتاً واستمرارية في التطبيق، وإلا فإن الرسالة التربوية ستفقد تأثيرها.

استراتيجية إزالة الانتباه لتعديل سلوك الأطفال من عمر 1 إلى 12 سنة بفعالية وهدوء
استراتيجية إزالة الانتباه لتعديل سلوك الأطفال من عمر 1 إلى 12 سنة بفعالية وهدوء

كيف تستخدم إزالة الانتباه لتوجيه سلوك الأطفال؟

إليك كيفية استخدام إزالة الانتباه:

  1. أشر إلى السلوك واطلب من طفلك التوقف قد يكون السلوك واضحاً لك ولكن ليس لطفلك. يمكنك القول: “يونس، من فضلك توقف عن طلب الحلويات. سنتناول وجبة خفيفة عندما نصل إلى المنزل”.
  2. تجاهل السلوك إذا استمر لا تنظر إلى طفلك أو تتحدث معه. هذا يعني عدم استخدام النظرات، الابتسامات، أو الحديث، وإذا بإمكانك، يمكنك الابتعاد.
  3. استمر في تجاهل السلوك طالما استمر حتى لو استمر السلوك لمدة 5-10 دقائق، يجب عليك تجاهله طوال تلك المدة. إذا استعدت انتباهك قبل أن يتوقف السلوك، سيتعلم طفلك أن الاستمرار في السلوك التحدي يجلب استجابة.
  4. استعد انتباهك فوراً عندما يتوقف السلوك امدح طفلك بحرارة. على سبيل المثال: “شكراً على حديثك بصوت لطيف. لنذهب ونرى ماذا سنتناول للعشاء الليلة”.

عندما لا تكون إزالة الانتباه فعّالة

قد لا تعطي الاستراتيجية نتائج فورية، بل على العكس، قد يبدو أن السلوك يزداد سوءاً في البداية، لأن الطفل يحاول لفت انتباهك بكل الطرق. هذا يُعرف بـ”الانفجار السلوكي” (extinction burst)، وهو مرحلة طبيعية قبل تحسن السلوك.

إذا التزمت بالصبر واستمرت بتجاهل السلوك غير المرغوب، ستلاحظ خلال أيام أو أسابيع انخفاضاً ملحوظاً في تكراره، ولكن إن تطوّر السلوك إلى العدوان أو الإيذاء أو بدأ يؤثر على حياة الطفل اليومية، فلا بد من التدخل بأساليب بديلة. ولكن بعض المواقف قد تتطلب استشارة مختص نفسي سلوكي، خصوصاً إن كان الطفل يُعاني من مشاكل تنظيم المشاعر، أو اضطرابات سلوكية تتطلب خطة تعديل سلوك مخصصة.

تُعد إزالة الانتباه أداة سلوكية فعالة وآمنة تساعد الأهل على التعامل مع السلوكيات البسيطة المزعجة بطريقة إيجابية وبنّاءة. ومع الاستمرارية والاتساق في التطبيق، يتعلم الطفل أن السلوك الإيجابي هو الطريق للحصول على الاهتمام، بينما السلوك المزعج لا يجلب سوى التجاهل. لكن من الضروري أن نعرف متى نستخدم هذه الاستراتيجية ومتى نلجأ لبدائل أخرى، خاصة في حال تطور السلوك إلى العدوان أو الخطر. في نهاية المطاف، المفتاح هو التوازن بين الحزم والحب، والوعي بأن كل تفاعل هو فرصة لتعليم الطفل وتنمية شخصيته.

المصدر

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *