يُعتبر الإلحاح سلوكاً شائعاً لدى الأطفال بين عمر سنتين وثماني سنوات، حيث يسعون بفضول للحصول على الأشياء التي تثير انتباههم، خاصة في الأماكن العامة مثل مراكز التسوق. وبينما يبدو الأمر مرهقاً للوالدين، فإن هذا السلوك يُعد مرحلة طبيعية في تطور الطفل النفسي والاجتماعي. من المهم أن يدرك الأهل أن الإلحاح ليس مجرد تصرف مزعج، بل هو أيضاً فرصة تعليمية لتطوير مهارات ضبط النفس والتفاوض لدى الطفل.
لماذا يُلح الأطفال؟
يجد الأطفال أن العالم مليء بالأشياء المثيرة للاهتمام، وفي مراكز التسوق غالباً ما تكون هذه الأشياء على مستوى أعينهم. كما يتأثر الأطفال بسهولة بالتسويق الذكي للمنتجات الموجهة إليهم – مثل الألعاب والطعام غير الصحي. كما أن الأطفال لا يفهمون دائماً أن بعض الأشياء الجميلة أو اللامعة أو الشهية قد لا تكون جيدة لهم أو لا تمثل قيمة جيدة مقابل المال.
بالإضافة إلى ذلك، الأطفال ما زالوا يتعلمون المهارات وتنظيم الذات، بما في ذلك القدرة على التحكم في اندفاعاتهم والتصرف بطرق مناسبة. هذا يعني أن من الطبيعي أن يطلب الأطفال الأشياء.
أحياناً عندما يطلب طفلك شيئاً، قد يسأل مرة أو مرتين فقط. لذا هناك فرق بين هذا النوع من الطلبات والإلحاح.
الإلحاح هو عندما يطلب طفلك شيئاً بشكل متكرر، على سبيل المثال: “هل يمكنني الحصول على حلوى؟”، “أريد الحلوى!”، “أعطني الحلوى!”، “من فضلك، من فضلك، من فضلك!”.
قد يكون من الصعب قول “لا” عندما تعرف أن الاستسلام سيجعل طفلك سعيداً أو يوقفه عن الطلب. لكن إذا استسلمت، سيتعلم طفلك أن الإلحاح يجدي. وهذا يعني أنه سيستمر في الإلحاح في المستقبل.

تقليل الإلحاح عند الأطفال
مع نمو الأطفال، سيصبحون أفضل في فهم وإدارة مشاعرهم، بما في ذلك المشاعر التي ترتبط بالرغبة في الأشياء التي لا يمكنهم الحصول عليها. في هذه الأثناء، يمكنك أيضاً اتخاذ خطوات لجعل الإلحاح أقل احتمالاً للحدوث:
🔹 ضع بعض القواعد الأساسية قبل الذهاب للتسوق. تحدث مع طفلك عن السلوك المناسب وكيف ستستجيب للإلحاح.
🔹 امدح طفلك على سلوك التسوق المناسب. امنح طفلك الكثير من الاهتمام الإيجابي حتى يعرف أنك لاحظت أنه لم يكن يُلح. على سبيل المثال: “أنا فخور جداً بكيفية مساعدتك لي في التسوق وعدم طلب الأشياء”.
🔹 قدم مكافآت صحية للسلوك المناسب أثناء التسوق. على سبيل المثال: “إذا تمكنت من إنهاء هذه الرحلة دون طلب أشياء، سنتوقف في الحديقة في طريق العودة”، أو “يمكنك تناول بعض الفراولة عندما نعود إلى المنزل”.
🔹 كن واعياً بالإعلانات المتعلقة بالألعاب والوجبات السريعة وغيرها في منزلك – مثل التلفاز، الراديو، الإنترنت، البريد الإعلاني، التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي. كلما زاد تعرض طفلك للإعلانات، زادت رغبته في الأشياء.
🔹 تحدث مع طفلك الأكبر سناً عن الإعلانات والتسوق الذكي. على سبيل المثال، يمكنك التحدث عن كيفية أن الألعاب المجانية قد تجعلك ترغب في شراء بعض المنتجات الغذائية السريعة.
🔹 اتخذ قرارات كعائلة حول ما ستشتريه. يمكنك تذكير الأطفال بهذه القرارات عند التسوق. على سبيل المثال: “أتذكر أننا قررنا عدم شراء الألعاب لبعض الوقت؟ بهذه الطريقة يمكننا توفير المال لقضاء عطلة عائلية”.
🔹 من الجيد تقييد مقدار الإعلانات التي يشاهدها طفلك عبر الإنترنت أو في التطبيقات. يمكنك القيام بذلك عن طريق اختيار الألعاب والتطبيقات والأفلام المخصصة للأطفال التي لا تحتوي على إعلانات.

كيفية الاستجابة للإلحاح عند الأطفال
إذا ألح طفلك أو حاول إقناعك بشراء أشياء معينة، يمكنك تجربة ما يلي:
🔹 ذكر طفلك بالقواعد الأساسية التي ناقشتها.
🔹 تأكد من أن طفلك يرى أنك سمعت وفهمت. بهذه الطريقة، سيكون طفلك أكثر تقبلاً لقرارك. على سبيل المثال، يمكنك القول: “نعم، إنها تبدو لذيذة، لكننا لن نشتري الدونات اليوم”.
🔹 عندما تقول “لا”، ابقَ هادئاً وقدم لطفلك تفسيراً. على سبيل المثال: “لا، لا يمكننا تناول الآيس كريم الآن لأننا على وشك تناول الغداء”.
🔹 عندما تقول “لا”، التزم بقرارك. إذا قلت “لا” ثم استسلمت، سيتعلم طفلك أن الإلحاح يمكن أن ينجح.
🔹 اعترف بخيبة أمل طفلك إذا قلت “لا”. على سبيل المثال: “أرى أنك تشعر بخيبة أمل لأنك كنت تريد تلك البسكويت بشدة. لكننا تناولنا بالفعل ما يكفي من الحلويات اليوم”. المحادثات مثل هذه ترسل رسالة تعاطف ويمكن أن تساعدك أنت وطفلك على المضي قدماً.
🔹 بعد قول “لا”، حاول تشتيت انتباه طفلك بشيء آخر. على سبيل المثال: “نحتاج إلى البرتقال. هل يمكنك مساعدتي في العثور عليه؟”
عندما يطلب طفلك أشياء، الطريقة التي تستجيب بها لطلباته تعلمه دروساً مهمة حول كيفية التأثير والتفاوض والتواصل.
البقاء هادئاً عندما يُلح الأطفال
إذا شعرت بالإرهاق عندما يُلح طفلك، قد يساعدك هذا التمرين:
- توقف
- عُد إلى 5 في رأسك
- ثم استجب لطفلك
تلك الخمس ثوانٍ الإضافية غالباً ما تكون كافية للتفكير واتخاذ قرار حول كيفية الاستجابة بهدوء. إذا لم تسر الأمور كما كنت تأمل، من المهم أن تكون لطيفاً مع نفسك وتقر بأنك تفعل ما بوسعك. عندما لا يحصل طفلك على ما كان يطلبه بشكل متكرر، قد تغمره مشاعر الإحباط وخيبة الأمل. يمكن أن يؤدي ذلك إلى نوبة غضب. عندما يحدث ذلك، اعترف بهدوء بالمشاعر التي يعبر عنها طفلك. ابقَ مع طفلك وواسيه حتى يهدأ ويشعر بالأمان.
في نهاية المطاف، يتعلّم الأطفال من خلال تفاعلهم اليومي مع الأهل كيف يطلبون الأشياء ويتعاملون مع الرفض والإحباط. من خلال وضع قواعد واضحة، والثبات في الردود، وتقديم البدائل، يمكن للأهل توجيه سلوك الإلحاح إلى سلوك أكثر نضجاً وهدوءاً. التعامل مع الإلحاح بصبر وتفهم لا يقلل فقط من التوتر خلال المواقف اليومية، بل يساعد الطفل أيضاً على بناء شخصيته واستقلاليته بطريقة صحية ومتوازنة.
📚 المصدر