في المراحل المبكرة من حياة الأطفال، بين عمر السنتين والست سنوات، يبدأون باستكشاف العالم من حولهم بطريقة مليئة بالفضول والتجريب. خلال هذه الفترة، قد يواجه الوالدان تحديات سلوكية متكررة نتيجة لتطور مشاعر الطفل وعدم نضوج مهاراته في التعبير أو السيطرة على نفسه. من هنا تأتي أهمية استخدام استراتيجية التشتيت الإيجابي كأداة فعالة لتوجيه السلوك، وتشجيع الطفل على التصرف بشكل أفضل دون استخدام العقاب أو الصراخ. في هذا المقال، نعرض كيف يمكن استخدام التشتيت بذكاء لدعم السلوك الإيجابي للأطفال، مع تقديم نصائح عملية تناسب مختلف المواقف اليومية.
استخدام التشتيت لتشجيع السلوك الإيجابي
التشتيت يعني تحويل انتباه طفلك من شيء يشعره بالإحباط أو الملل إلى شيء أكثر إثارة أو اهتماماً.
يمكنك استخدام التشتيت عندما يكون من المحتمل أن يتصرف الأطفال بطرق غير جيدة. على سبيل المثال، قد يكون ذلك عندما:
🔹 يشعرون بالتعب والانزعاج
🔹 يجلسون لفترة طويلة دون حركة
🔹 يجدون صعوبة في المشاركة أو أخذ الأدوار مع الآخرين
تشتيت انتباه الطفل عبر الإشارة إلى شيء مثير للاهتمام، أو بدء لعبة بسيطة، أو تقليد تعابير وجه مضحكة هي طرق فعالة غالباً. لذا فإن التشتيت يعد خياراً رائعاً لتشجيع السلوك الإيجابي في العديد من المواقف.
نصائح لتشتيت انتباه الأطفال وتشجيع السلوك الإيجابي
إليك بعض النصائح التي تعمل عادة مع الأطفال من جميع الأعمار:
🔹 تابع سلوك طفلك، وحاول تشتيت انتباهه عندما تلاحظ أنه يشعر بالإحباط أو الملل أو الانزعاج.
🔹 قدم شيئاً آخر لطفلك ليفعله: قدم نشاطاً جديداً، لعبة جديدة، أو أظهر لطفلك طريقة جديدة للعب باللعبة التي يملكها بالفعل.
🔹 غيّر المشهد: ضع طفلك في مكان يمكنه فيه رؤية أشياء مختلفة، أو انقله إلى مكان جديد سواء داخل المنزل أو خارجه.
🔹 فكر مسبقاً: احتفظ ببعض الأفكار للأنشطة الممتعة. قد يكون الأمر بسيطاً مثل التخطيط للعب في الخارج عندما تلاحظ أن طفلك يشعر بالملل في الداخل.
🔹 غنِّ الأغاني أو الأناشيد معاً: يمكن أن يكون هذا مفيداً عندما لا يمكنك التوقف عما تفعله، مثلاً عند القيادة أو الطهي.
🔹 إذا كنت خارج المنزل، اصطحب معك ألعاباً أو كتباً يمكنك إخراجها عند الحاجة.
بالنسبة للأطفال الأكبر سناً، يمكنك تجربة هذه الأفكار بالإضافة إلى النصائح السابقة:
🔹 غيّر موضوع المحادثة
🔹 اقترح لعبة أو نشاطاً بسيطاً، على سبيل المثال اقترح على طفلك أن يجرب لعبة تركيب أو لعبة “أونو” إذا قال إنه لا يوجد لديه ما يفعله.
🔹 اقترح أخذ استراحة عندما لا تسير الأمور بشكل جيد. يمكنك القول: “يبدو أنك تشعر بالإحباط من الرسم. ماذا عن ركوب السكوتر بدلاً من ذلك؟”
🔹 اقترح على طفلك فعل شيء يستمتع به عادةً، مثل قراءة كتابه المفضل أو الاستماع إلى الموسيقى.
تشجيع طفلك على ابتكار أفكارهم الخاصة للتشتيت
إذا شعرت أن طفلك يشعر بالملل ويحتاج إلى تشتيت انتباهه، فلماذا لا تشجعه على ابتكار أفكار خاصة به؟ الاستفادة من الملل يمكن أن تكون رائعة لتعزيز إبداع طفلك ومهارات حل المشكلات. بدلاً من تقديم الحلول دائماً، امنح طفلك فرصة للتفكير بنفسه في أنشطة مسلية أو بدائل ترفيهية.
اطرح عليه أسئلة بسيطة مثل:
🔹 “ما الشيء الذي تحب فعله الآن؟”
🔹 “هل يمكنك اختراع لعبة جديدة باستخدام هذه المكعبات؟”
🔹 “ما رأيك أن ترسم شيئاً يخطر في بالك دون أن تنظر حولك؟”
هذه الأسئلة تشجعه على استخدام خياله وتوليد أفكار إبداعية من تلقاء نفسه. كذلك، يمكن للأهل إنشاء “صندوق الأفكار” مع الطفل، يحتوي على أوراق صغيرة فيها أنشطة يمكن سحب واحدة منها عندما يشعر بالملل.
كما يمكن مكافأة الطفل عندما يبتكر فكرة ممتعة ومفيدة، مما يعزز لديه الشعور بالثقة والاستقلالية. تذكر أن منح الطفل مساحة لاكتشاف ما يحب، وتقديم الدعم دون التدخل المباشر، يساعده على تنمية مهارات التفكير النقدي والمرونة في التعامل مع التحديات اليومية.
متى لا يجب استخدام التشتيت لتغيير سلوك الأطفال
يعمل التشتيت بشكل أفضل عندما تلاحظ أن طفلك على وشك الشعور بالإحباط أو التصرف بطريقة سلبية. ولكن التشتيت لن يساعد إذا كان طفلك:
- قد آذى شخصاً آخر
- يمر بنوبة غضب
- يشعر بالحزن الشديد
في مثل هذه الحالات، من الأفضل التعامل مع السلوك بشكل مباشر.
على سبيل المثال، إذا قام طفلك بإيذاء طفل آخر، فقد يكون من السليم تشتيت انتباه كلا الطفلين بألعاب أو أنشطة. لكن هذا لا يساعد طفلك على فهم أن إيذاء الآخرين غير مقبول. من الأفضل استخدام وقت هادئ أو “وقت مستقطع” إذا كان طفلك كبيراً بما يكفي لفهم هذه العواقب.
أيضاً، محاولة تشتيت طفلك أثناء نوبة الغضب قد تعطي رسالة بأن مشاعره القوية ليست مهمة. بدلاً من ذلك، يمكنك استخدام أساليب التهدئة لمساعدة الأطفال الصغار على الهدوء، أو اتباع الخطوات لمساعدة الأطفال الأكبر سناً على الهدوء.
من السهل اقتراح وقت الشاشة كتشتيت، فإذا قمت بذلك، فمن الجيد أن تكون واضحاً بشأن ما تسمح لطفلك بالقيام به. على سبيل المثال، كن محدداً بشأن التطبيقات التي يمكنه اللعب بها أو البرنامج التلفزيوني الذي يمكنه مشاهدته، ولأي مدة.
في النهاية، يُعتبر التشتيت الإيجابي وسيلة بسيطة ولكن فعالة لتجنب التصرفات السلبية وتشجيع السلوك الجيد لدى الأطفال من عمر 2 إلى 6 سنوات. من خلال الانتباه لإشارات الطفل، وتقديم بدائل ممتعة، وتغيير البيئة أو النشاط، يمكن للوالدين توجيه سلوك أطفالهم بلطف وفاعلية. ومع ذلك، من الضروري معرفة متى يكون التشتيت مناسبًا، ومتى ينبغي التعامل مع السلوك بشكل مباشر لضمان نمو صحي وفهم عميق للمشاعر والمواقف. باستخدام التشتيت في الوقت المناسب، نمنح الطفل فرصة لاكتساب مهارات اجتماعية وعاطفية بطريقة آمنة ومحفزة.