في يوم من الأيام كانت هناك فتاة صغيرة لطيفة يحبها كل من ينظر إليها، ولا سيّما جدتها التي كانت تحبها حباً جمّاً، وذات مرة أهدتها رداءً صغيراً من المخمل الأحمر، والذي أحبّته كثيراً لدرجة أنها ظلّت ترتديه طوال الوقت، لذلك كان يُطلق عليها دائماً “ذات الرداء الأحمر“| Little Red Riding Hood.
ذات يوم قالت لها والدتها: «تعالي يا ذات الرداء الأحمر، خذي هذه القطعة من الكعكة وزجاجة العصير إلى جدتك، فهي مريضة وضعيفة، وانطلقي في الصباح الباكر قبل أن يصبح الجو حاراً، وامشي بهدوء ولا تغيّري مسار الطريق، وانتبهي على زجاجة العصير من أن تسقط منك وإلا لن تحصل جدتك على أي شيء، وعندما تدخلين غرفتها لا تنسِ أن تقولي (صباح الخير)».
قالت ذات الرداء الأحمر لأمها: «سأعتني بها كثيراً، لا تخافي».
كانت جدة ذات الرداء الأحمر تعيش في الغابة على بعد ميل من القرية، وعندما دخلت ذات الرداء الأحمر إلى الغابة قابلها هناك ذئب ضخم، ولكن لم تخف منه ولم تعلم أنه شرير، وبدآ في تبادل أطراف الحديث.
الذئب: «طابَ يومك، يا ذات الرداء الأحمر».
ذات الرداء الأحمر: «شكراً على لطفك أيها الذئب».
الذئب: «إلى أين أنتي ذاهبة بعيداً، أيتها الفتاة الصغيرة».
ذات الرداء الأحمر: «إلى منزل جدتي المريضة».
الذئب: «ماذا لديك في حقيبتك؟».
ذات الرداء الأحمر: «كعكة وزجاجة من العصير، جدتي بحاجة إلى الغذاء كي تتحسّن وتصبح أقوى».
الذئب: «أين تعيش جدتك؟».
ذات الرداء الأحمر: «على بعد ميل من الغابة، ومنزلها يقع تحت أشجار البلوط الثلاثة الكبيرة، وأشجار الجوز بالأسفل، يجب أن تعرفه بالتأكيد».
فكّر الذئب في نفسه: «يا لها من مخلوق صغير رقيق، ويا لجسمها الممتلئ، ستكون هي وجدتها وليمة عشاء لي، لذا يجب أن أتصرف بمهارة حتى أمسك كليهما».
سارَ الذئب لفترة قصيرة بجانب ذات الرداء الأحمر، ثم قال لها: «انظري يا ذات الرداء الأحمر مدى جمال الزهور هنا، لماذا لا تنظرين من حولك، وأعتقد أيضاً أنك لا تسمعين كيف تغني الطيور الصغيرة بروعة، أنتِ تمشين بخطى جادة كما لو كنتِ ذاهبة إلى المدرسة، بينما كل شيء آخر هنا في الغابة جميل».
رفعت ذات الرداء الأحمر عينيها إلى الأعلى، وعندما رأت أشعة الشمس ترقص هنا وهناك من خلال الأشجار، والزهور الجميلة تنمو في كل مكان، فكرت ملياً وقالت: «سأقطف باقة من الزهور الجميلة لجدتي، إنه وقت مبكر جداً لذا سأصل إلى هناك في الوقت المناسب».
فركضت في الغابة للبحث عن الزهور، وكلما كانت تختار واحدة، كانت ترى واحدة أجمل منها، وترميها لتقطف غيرها، وهكذا تعمّقت أكثر فأكثر في الغابة.
في هذه الأثناء ركضَ الذئب مباشرةً إلى منزل الجدة وطرق الباب.
قالت الجدة: «من هناك؟».
أجاب الذئب: «ذات الرداء الأحمر، معي قطعة من الكعك والعصير، افتحي الباب».
قالت الجدة: «ارفعِ القفل، أنا ضعيفة جداً ولا أستطيع النهوض».
رفع الذئب القفل وانفتح الباب، ودون أن يتكلم ذهبَ مباشرةً إلى سرير الجدة وأكلها، ثم لبس ثيابها وقبعتها، واسترخى في السرير.
في هذا الأثناء كانت ذات الرداء الأحمر تركض لقطف الزهور، وعندما جمعت الكثير بحيث لم تستطع حمل المزيد تذكرت جدتها وانطلقت في الطريق إليها، وفوجئت عندما وجدت باب الكوخ مفتوحاً، وعندما دخلت الغرفة كان لديها شعور غريب لدرجة أنها قالت لنفسها: «يا للهول كم أشعر بعدم الارتياح اليوم، رغم أنه في أوقات أخرى أحب أن أكون مع جدتي».
نادت ذات الرداء الأحمر «صباح الخير». لكنها لم تتلقَ أي رد، فذهبت إلى السرير وسحبت الغطاء، فوجدت مظهر جدتها غريب جداً.
قالت ذات الرداء الأحمر: «أوه يا جدتي، يا لها من آذان كبيرة لديك».
كان الرد: «كي أسمعك بشكل أفضل يا صغيرتي».
قالت ذات الرداء الأحمر: «لكن يا جدتي، يا لها من عيون كبيرة لديك».
وكان الرد: «كي أراكِ بشكل أفضل يا صغيرتي».
قالت ذات الرداء الأحمر: «ولكن يا جدتي يا لها من يد كبيرة لديك».
وكان الرد: «كي أحضنك بشكل أفضل يا صغيرتي».
قالت ذات الرداء الأحمر: «ولكن يا جدتي يا له من فم كبير رهيب لديك».
وكان الرد: «كي آكلك به».
ما إن قال الذئب هذا نهض من السرير وابتلع ذات الرداء الأحمر بلقمة واحدة، ثم استلقى مرة أخرى في السرير ونام وبدأ يشخر بصوت عالٍ جداً، وكان هناك صياد يمرّ بجانب المنزل، وفكّر في نفسه كيف تشخر إمرأة عجوز بهذا الشكل، ولماذا باب منزلها مفتوح، فدخلَ المنزل ورأى ذئب نائم في سرير الجدة، وقال: «لقد وجدتك أيها الذئب الشرير، كنت أبحث عنك منذ فترة طويلة».
خطرَ له أن الذئب ربما يكون قد التهم الجدة، وأنه ربما لا يزال من الممكن إنقاذها، لذلك لم يطلق النار عليه، بل أخذ مقصاً ليرى ما بداخل الذئب النائم، وعندها رأى رداء أحمر يلمع، وقام بسحبه، وخرجت الفتاة الصغيرة وهي تبكي: «آه كم كنت خائفة، كم كان هناك ظلام داخل الذئب».
بعد ذلك، خرجت الجدة المسنة أيضاً على قيد الحياة لكنها بالكاد قادرة على التنفس، وسرعان ما جلبت ذات الرداء الأحمر أحجاراً كبيرة ملأت بها بطن الذئب، وعندما استيقظ أراد أن يهرب لكن الحجارة كانت ثقيلة جداً لدرجة أنه انهار في الحال وسقط.
أكلت الجدة الكعكة وشربت العصير الذي أحضرته ذات الرداء الأحمر وانتعشت بعد ذلك، وقالت لها الفتاة الصغيرة: «بعد الآن، لن أترك الطريق بمفردي وأركض في الغابة، وهذا ما منعتي والدتي من فعله».
مرّت الأيام، وذهبت ذات الرداء الأحمر إلى منزل جدتها مرة ثانية وصادفت في طريقها الرئيسي ذئب آخر، وحاول التحدث إليها، ولكنها كانت على أهبة الاستعداد، وذهبت إلى الأمام مباشرةً في طريقها، وأخبرت جدتها أنها قابلت ذئب آخر، وأنه قال لها صباح الخير ولكن بنظرة شريرة على وجهه، ولو أنها لم تكن على الطريق العام كانت متأكدة من أنه كان سيأكلها، فقالت لها الجدة: «أحسنتي صنعاً، سنغلق الباب حتى لا يدخل إلينا».
بعد ذلك بوقت قصير طرقَ الذئب الباب وصرخ: «افتحي الباب، أنا ذات الرداء الأحمر، وقد أحضرت لك بعض الكعك».
لكنهم لم يفتحوا له الباب، وألقى الذئب نظرة حول المنزل، وقرر القفز على السطح منتظراً حتى تعود ذات الرداء الأحمر إلى منزلها كي يقوم بخطفها ويأكلها في الظلام، ولكن الجدة رأته عندما قفز إلى السطح، وفكرت ملياً ما الذي ستفعله بالذئب.
طلبت من حفيدتها ذات الرداء الأحمر أن تقوم بغلي بعض الماء وتضعه في الموقد أسفل فتحة مدفأة المنزل الموجودة على السطح، وقامت بتسخين بعض النقانق كي تجذب رائحتها الذئب الشرير الموجود أعلى سطح المنزل، وما إن اشتم الذئب الرائحة واقترب، انزلقت قدمه وسقط في فتحة المدفأة إلى حوض الماء المغلي، وبهذا تخلّصت كلاً من الجدة و ذات الرداء الأحمر من الذئب الثاني، ومن بعدها لم يقم بإيذائها أي ذئب آخر.
اترك تعليقاً