في قديم الزمان قبل أن تنشأ الكلمات في الحياة، عاش صبي اسمه “نعم” في قرية صغيرة في مملكة صغيرة، وكان جيداً في كل شيء والأفضل والأذكى وأكثر الأشخاص المحبوبين في قريته، وكان له أخ اسمه “لا” لم يكن جيداً في أي شيء، فكلّما طلب القرويون منه المساعدة كان يجيب بــــ لا، لأنه لم يكن يحبّ الناس كثيراً، وكلما طلب أحدهم “نعم” للحصول على خدمة كان يسعده ذلك.
ذات يوم والد “نعم” و”لا” واسمه “حسناً”، ذهب في رحلة طويلة وترك ولديه مسؤولين عن جميع الحيوانات في المزرعة، واعتنى “نعم” جيداً بالطيور وطعامها، أما “لا” لم يكن يريد أن يزعج نفسه بالمهام المملة المتعلقة برعاية الحيوانات، فبدلاً من مساعدة أخيه نزلَ إلى البحيرة وألقى بالحجارة في الماء واسترخى.
بعد أيام قليلة من مغادرة الوالد، طلب “نعم” من شقيقه أن يراقب الطيور أثناء ذهابه للعثور على بعض الطعام ليأكله، ولكن “لا” لم يلقٍ اهتماماً بطلبه بل ذهبَ للاستلقاء وأغمض عينيه ونسي أمر طلب أخيه، فهربت الطيور بعيداً إلى طريق كان فيه عربة الملك تمرّ من هناك، وانحرفت عن الطريق كي لا تصطدم بالطيور، مما أدى إلى سقوط الملك وإصابة نفسه.
فيما بعد طالب الملك بمعرفة سبب السماح لتلك الطيور بالسير في طريقه، وطلب من جميع القرويين توضيحاً لذلك، ولكن “نعم” كان دائماً صادقاً، لذلك أخبر الملك القصة كاملةً، ثم فكّر الملك للحظة، وجاء بفكرة كان سعيداً جداً بها، حيث أصبح “نعم” و”لا” يعملان في القلعة كمساعدين شخصيين له كعقوبة لهما.
في تلك الأثناء احتاج الملك إلى المساعدة في العديد من الأشياء حول القلعة لأنه لا يريد أن يزعج نفسه بالمهام اليومية في المملكة، ومع ذلك بعد فترة وجيزة من قراره بشأن الأخوين أدرك الملك أن “نعم” فقط سيكون مفيداً له كخادم، فكلّما طلب الملك من أخيه “لا” لإحضاره أي شيء، كان يكسره أو يأكله، فأصبح الملك على يقين من أن “لا” هو أسوأ خادم في العالم بأسره.
كانت المهمة الأكثر أهمية للأخوين هي المساعدة في اختيار الطعام للحفلة الكبرى التي كان الملك يقيمها في ليلة من الليالي، حيث اصطف الطهاة من جميع أنحاء المملكة عند بوابة القلعة لتقديم طعامهم للملك، وبالطبع لم يستطع الملك أن يذهب ويأخذ الطعام بنفسه، لذلك طلب من “نعم” و”لا” أن يقوموا بذلك نيابة عنه.
أتى أول طباخ إلى البوابة وصرخ بوجه حارس البوابة: «خُذ فطيرة التفاح اللذيذة إلى مأدبة الملك».
سمعَ الملك هذا واعتقد أن الفطيرة ستكون مثالية لمثل هذا الحدث، فصرخ: «”نعم” أحضر لي فطيرة التفاح».
جاء الطباخ التالي وقال: «أنا أقدّم حساء الفطر للملك»، ولكن لم يحبّ الملك ذلك الحساء كثيراً وكان يعرف كيف يتخلّص منه، فصرخ وقال: «”لا” أجلب لي الحساء». بالطبع قام “لا” بتناوله.
استمر هذا لعدة ساعات، فإذا أحبّ الملك طبقاً، كان يصرخ باسم “نعم” وإذا لم يحبه كان يستدعي “لا” بصوت عالٍ، وسرعان ما بدأ هذا الخبر بالانتشار في جميع أنحاء المملكة، فأصبح الناس إذا لم يرغبوا في تناول أي لقمة ثانية سيقولون “لا”، وإذا أحبّوا طبق طعام سيقولون “نعم”، ومنذ ذلك اليوم في قرية صغيرة في مملكة صغيرة “نعم” تعني “نعم” و “لا” تعني “لا”.
اترك تعليقاً